الصحيحة : « أنّ اليقين لا ينقض بالشكّ أبدا أو أنّه ينقضه بيقين آخر مثله » (١) وعلى تقدير تسليم صحّة الاحتجاج بالخبر في مثل هذا الحكم الظاهر (٢) أنّه من الأصول ويشكل التمسّك بالخبر الواحد في الأصول إن سلّم جواز التمسّك به في الفروع ، نقول : الظاهر أوّلا أنّه لا يظهر شموله للأمور الخارجية مثل رطوبة الثوب ونحوها ؛ إذ يبعد أن يكون مرادهم بيان الحكم في مثل هذه الأمور الذي ليس حكما شرعيا وإن كان يمكن أن يصير منشأ لحكم شرعي بالعرض ، ومع عدم الظهور لا يمكن الاحتجاج به فيها ، وهذا ما يقال : إنّ الاستصحاب في الأمور الخارجية لا عبرة به.
ثمّ بعد تخصيصه بالأحكام الشرعية نقول : الأمر على وجهين : أحدهما : أن يثبت حكم شرعي في مورد خاصّ باعتبار حال يعلم من الخارج أنّ زوال تلك الحالة لا يستلزم زوال ذلك الحكم ، والآخر : أن يثبت باعتبار حال لا يعلم فيه ذلك.
مثال الأوّل إذا ثبت نجاسة ثوب خاصّ باعتبار ملاقاته للبول بأن يستدلّ عليها بأنّ هذا شيء لاقاه البول ، وكلّ ما لاقاه البول نجس ، فهذا نجس ، والحكم الشرعي النجاسة ، وثبوته باعتبار حال هو ملاقاة البول وقد علم من خارج ضرورة أو إجماعا أو غير ذلك بأنّه لا تزول (٣) النجاسة بزوال الملاقاة فقط.
ومثال الثاني ما نحن بصدده فإنّه ثبت وجوب الاجتناب عن الإناء المخصوص باعتبار أنّه شيء يعلم وقوع النجاسة فيه بعينه ، وكلّ شيء كذلك يجب الاجتناب عنه ولم يدلّ دليل (٤) من الخارج أنّ (٥) ذلك الوصف الذي يحصل باعتبار زوال المعلومية بعينه لا دخل له (٦) في زوال الحكم.
__________________
(١) تقدّم في ص ٨٨.
(٢) في المصدر : في مثل هذا الحكم وعدم منعها بناء على أنّ هذا الحكم الظاهر.
(٣) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ والمصدر : « لا يزول ».
(٤) في المصدر : ولم يعلم بدليل.
(٥) في المصدر : + زوال.
(٦) « ج » : فيه.