جريان الاستصحاب في المثال الأوّل.
وقد يكون الخطاب الموجب لليقين موجودا مع الشكّ في اقتضاء المستصحب للثبوت في زمن الشكّ كما في الخطاب الآمر بالصوم إلى الليل فيما إذا شكّ في آن أنّه من النهار أو من الليل ، فإنّ الظاهر أنّ الشكّ من جهة المقتضي.
فالقولان مختلفان مفهوما والنسبة بينهما موردا هو العموم من وجه.
نعم ، لو قلنا بأنّ مآل الشكّ في الغاية إلى الشكّ في المانع بعد إحراز المقتضي للمستصحب بتقريب أنّ الغاية توجب رفع الحكم وتمنع عن ثبوته كما هو الشأن في جميع الموانع ، ومرجع الشكّ في المانع إلى الشكّ في الغاية نظرا إلى أنّ المانع غاية لثبوت المعلول (١) ونهاية لوجوده ، فالقولان متلازمان مصداقا.
إلاّ أنّ ذلك بمكان من الضعف والسقوط ، أمّا الأوّل : فلأنّ الشكّ في الغاية لا يساوق وجود المقتضي دائما كما في قوله : « صم إلى الليل » إذ يحتمل أن تكون (٢) الغاية المذكورة في كلام الشارع كاشفة عن انتفاء المقتضي عند وجودها ، فوجود (٣) الليل في المثال يحتمل ظاهرا أن يكون كاشفا عن انتفاء السبب.
وأمّا الثاني : فلأنّ الظاهر من المحقّق المذكور أنّ المدار على الغاية المأخوذة غاية في كلام الشارع كما في قوله : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ )(٤) لا كلّ ما يمكن رجوعه إليها وإن لم يكن مأخوذة (٥) في كلام الشارع كما أشرنا إلى ذلك في السؤال الذي أورده على نفسه : هل الشكّ في المزيل؟
فظهر من ذلك أنّه ما أجاد فيما استجاد مشعرا بذلك تواردهما على مطلب واحد ، مع أنّ قوله : ولكنّه ما أجاد في تخصيصها إلخ ، ليس بجيّد ؛ إذ لا يستقيم ذلك إلاّ على
__________________
(١) « ج » : معنى المعلول.
(٢) « ج ، م » : يكون.
(٣) « ج » : ووجود.
(٤) البقرة : ١٨٧.
(٥) كذا.