تقدير أن يكون مذهب المحقّق اختصاص حجّية الاستصحاب بما إذا كان الشكّ في المزيل والرافع مع وجود المقتضي. وقد عرفت أنّ مناط الاستصحاب عنده على وجود الخطاب ، سواء كان المقتضى موجودا أو لا (١).
ثمّ إنّه لا يخفى أنّ الزاعم المذكور إنّما أخذ في عنوان ما ذهب إليه استمرار الحكم لو لا الرافع ، وقضيّة ذلك عدم حجّية الاستصحاب في الموقّتات ، فلو شكّ في أثناء النهار ـ لعارض ـ وجوب إمساك اليوم عليه لا يقول (٢) بالاستصحاب مع أنّ ما يظهر منه عند الاستدلال هو اعتبار الاستصحاب فيما إذا شكّ في المانع ، وعدمه فيما إذا شكّ في المقتضي ، من غير أخذ الاستمرار في كلامه ، إلاّ أنّ مقصوده ظاهر فلا تغفل.
وملخّص ما استدلّ به على مرامه هو استحالة إرادة معنى النقض حقيقة ؛ لانتفائه بين اليقين والشكّ ، لعدم (٣) إمكان اجتماعهما ، وصدقه حقيقة موقوف على الاجتماع والتصادم ، فلا بدّ من المصير إلى معنى أقرب إلى المعنى الحقيقي ، ولا خفاء (٤) أنّ مع وجود المقتضي للبقاء صدق النقض أولى منه مع عدمه.
والجواب عن ذلك هو أنّ الأقربية الاعتبارية مسلّمة ، ولكنّها غير مجدية بعد عدم مساعدة العرف عليها ، والأقربية العرفية ممنوع ، بل الأقرب عرفا هو القول بأنّ المراد هو الأخذ بالأحكام التي تخالف حكم المتيقّن ، فإنّه إذا اختلف حكم الشيء في حالتي الشكّ واليقين يصدق أنّه نقض للسابق ، فالنقض تارة يلاحظ بالنسبة إلى المستصحب ، وأخرى بالنسبة إلى العمل ، مع أنّه يكفي في صدق النقض بالنسبة إلى المستصحب إمكان استمرارها كما في حقّ الشفعة والخيار ، مضافا إلى بعض القرائن المذكورة في الإيراد على المحقّق ، فإنّه يصلح (٥) لدفع القولين ، كقوله (٦) عليهالسلام في رواية زرارة :
__________________
(١) « ز ، ك » : أم لا.
(٢) « م » : نقول.
(٣) « ج » : بعدم.
(٤) « ز ، ك » : + مع.
(٥) « م » : تصلح.
(٦) « ز ، ك » : كما في قوله.