« ولا ينقض اليقين بالشكّ ، بل يبنى على اليقين » (١) ويتمّ عليه كما مرّ ذلك مفصّلا ، ويختصّ بدفع القول هذا قوله عليهالسلام في مكاتبة القاساني : « اليقين لا يدخله الشكّ ، صم للرؤية وأفطر للرؤية » (٢) فإنّ تفريع قوله : « صم للرؤية » وقوله : « وأفطر للرؤية » على القاعدة المزبورة من عدم دخول الشكّ في اليقين لا يتمّ إلاّ على حجّية الاستصحاب في الشكّ من حيث المقتضي.
وتوضيح ذلك أنّ المراد بهما إمّا استصحاب جواز الإفطار الثابت في شعبان واستصحاب وجوب الصوم الثابت في رمضان على أن يكون الاستصحاب وجوديا حكميا كما هو الظاهر ، وإمّا المراد استصحاب عدم وجوب الصوم من قوله : « صم للرؤية » وعدم جواز الإفطار من قوله : « أفطر للرؤية » على أن يكون الاستصحاب عدميا حكميا ، وإمّا المراد استصحاب نفس شعبان من الأوّل ورمضان من الثاني على أن يكون الاستصحاب موضوعيا ، وعلى التقادير لا يتمّ على ما ذكره.
أمّا على الأوّل : فلأنّ جواز الإفطار ووجوب الصوم ممّا لم يثبت الاستمرار فيهما ما لم يثبت المزيل ، بل التحقيق إنّهما حكمان موقّتان لا يجري فيهما الاستصحاب على ما هو المصرّح به (٣) في كلامه.
وأمّا على الثاني : فلأنّ الاستصحاب العدمي في المقام منتزع من الاستصحاب الوجودي ، فلا يعقل تخلّفه عنه.
وأمّا على الثالث : فالأمر أوضح.
فالتفريع المذكور لا يتمّ إلاّ على استصحاب القوم.
فإن قلت : لنا أن نقول : إنّ الحصر المذكور غير حاصر ؛ لاحتمال أن يكون المراد استصحابا آخر ينطبق على موارد استصحاب المفصّل ، وهو أن يكون المراد بالأوّل
__________________
(١) تقدّم في ص ٩٨ ـ ٩٩.
(٢) تقدّم في ص ١٠١.
(٣) « ج ، م » : ـ به.