استصحاب عدم دخول رمضان وعدم انقضاء شعبان ، ومن الثاني استصحاب عدم دخول شوّال وعدم انقضاء رمضان (١) على أن يكون الاستصحاب من الاستصحابات الموضوعية العدمية ، فإنّ الأعدام من الأمور المقرّرة الثابتة إلى ثبوت المزيل.
قلت : أمّا أوّلا : فوجوب الصوم ممّا لا يترتّب على عدم دخول شوّال أو عدم انقضاء رمضان ، كما أنّ جواز الإفطار ممّا لا يترتّب على عدم دخول رمضان أو عدم انقضاء شعبان ، بل الأوّل مترتب على دخول (٢) رمضان والثاني على شعبان كما يظهر من ملاحظة قوله : ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(٣).
وأمّا ثانيا : فالأمور العدمية ليست مقرّرة ثابتة إلى ثبوت المزيل ؛ لأنّ ذات العدم لا يقضي (٤) بذلك ، أمّا على القول بعدم احتياجه إلى العلّة فالأمر واضح ، وأمّا على القول باحتياجه كالوجود إلى العلّة فلأنّ العلّة هو انتفاء علّة الوجود فبحصولها ترتفع علّة العدم ، فذهاب العدم بواسطة انتفاء استعداده والمقتضي له لا لوجود (٥) المانع ، ولذلك لا يحكم بأنّ وجود المال بعد فقده لا يعدّ ناقضا لعدمه ، وكذا سائر الموجودات المسبوقة بالأعدام.
لا يقال : لا ريب في أنّ العدم ممّا يستمرّ لو لا عروض ما يقضي بخلافه.
لأنّا نقول : إنّ مجرّد ذلك غير كاف في المقام ، فإنّ الدعوى في قوّة القول : بأنّ كلّ شيء لو فرض بقاء علّته التامّة فهو باق والوجود والعدم في ذلك متساويان.
فإن قلت : إنّه قد صرّح بجريان الاستصحاب في الأمور العدمية.
قلت : إنّ تصريحه بذلك لا يوجب عدم توجّه الإيراد عليه بما ذكرنا ؛ لأنّ الكلام فيما يقتضيه التحقيق على مذهبه لا فيما صرّح به.
__________________
(١) « ز ، ج » : شوّال.
(٢) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : « وجود ».
(٣) البقرة : ١٨٥.
(٤) « ج » : لا تقتضي.
(٥) « ج » : لا الوجود.