يتصوّر الاستصحاب إلاّ بعد فرض انتفائه ، والمفروض أن لا مسوّغ للاستصحاب عنده إلاّ الإطلاق وهو ينافي الشكّ كما لا يخفى.
فقوله : « من الواضح أنّ مطلق النبوّة غير النبوّة المطلقة » معناه أنّ الأمر الدائر بين الأقسام من الماهيّة المطلقة التي تتحصّل (١) بأحد القيود غير النبوّة التي تعبّر عنها بعبارة مطلقة ، وقد عرفت أنّ التعبير ممّا لا أثر له في الواقع ، فإنّ النبوّة المجعولة المعبّرة بالإطلاق أيضا مردّدة بين أحد القيدين في الواقع ، نعم قد يستكشف من الإطلاق الدوام الذي هو أحد القيدين.
ومن هنا يظهر أيضا أنّ قوله : « إذ الإطلاق في معنى القيد (٢) فلا بدّ من إثباته » ممّا لا محصّل له ، سواء أخذ الإطلاق في التعبير أو في الملاحظة ؛ إذ الإطلاق هو عدم ملاحظة القيد واعتباره في المطلق ، فلا يكون في معنى القيد ، ولا حاجة إلى إثباته بدليل غير الأصل ، واستفادة الدوام الذي هو القيد معنى إنّما بواسطة عدم ذكر القيد لفظا كما لا يخفى ، على أنّ منع الاستصحاب في النبوّات (٣) باعتبار تردّدها بين الأفراد المختلفة استعدادا يلازمه القول بمنعه في الأحكام الشرعية ، فوجوب الصلاة واقعا مردّد بين الأفراد المختلف (٤) استعدادها ، ولا يمكن استصحابه إلاّ في أقصى مدّة يحتمل بقاء أقلّ أفراده استعدادا مع أنّه لا مانع منه عنده ، وقد تفطّن بذلك أيضا حيث قال : ثمّ إنّك بعد ما بيّنا لك سابقا لا أظنّك رادّا علينا الاستصحاب (٥) في الحكم الشرعي بما ذكرنا في هذا المقام بأن تقول : إنّ الأحكام (٦) الواردة في الشرع إنّما يسلّم جريان
__________________
(١) في النسخ : يتحصّل.
(٢) « م » : التقييد.
(٣) « ز ، ك » : « النبوّة إمّا ».
(٤) « ج » : المختلفة.
(٥) في المصدر : أمر الاستصحاب.
(٦) في المصدر : بأن تقول : يمكن أن يردّ الاستصحاب فيها بمثل ذلك ، ويقال : إنّ الأحكام.