الله (١). وقيل : إنّ عمر ذات يوم كان ينظر إلى التوراة ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ألم آت بها بيضاء نقيّة ، والله لو كان موسى وعيسى لم يسعهما إلاّ اتّباعي » (٢).
وبالجملة : فمن المعلوم جدّا أنّ من الأمور الواضحة المقرّرة في سائر الملل والشرائع هو البشارة على بعثة النبيّ الأمّي ونحن عالمون بذلك ، فالمستصحب إن أراد إثبات دين مستصحب بإقرارنا فنحن نقرّ بهذا الدين ، ولا شكّ في ارتفاعه ، وإن أراد إثبات دين آخر فعليه بإثباته ، ولا علم لنا به سابقا أبدا.
وقد يقرّر ما ذكرنا بوجه آخر وهو أنّا نعلم بأنّ شريعة عيسى مغيّاة بمجيء محمّد صلىاللهعليهوآله ، وبعد حصول الغاية لا حاجة إلى استصحاب الحكم ؛ لأنّه معلوم بعد الغاية كقبلها ، بل العمل بما بعد الغاية محقّق للعمل بالحكم المغيّى لا أنّه مناف لها ، فنحن في الحال متديّنون بدين عيسى ولا ضير فيه كما لا يخفى.
فإن قلت : إنّ شريعة عيسى مشتملة على أحكام كثيرة منها : البشارة على ما ادّعيت ، فالقدر المسلّم بيننا وبينكم مستصحب ، وعليك بإثبات البشارة.
قلت (٣) : قد عرفت (٤) أنّ الدين أمر وحداني لا يقبل التبعيض ، بل الاختلاف في جزئه يوجب الاختلاف في نفس الدين ، ألا ترى أنّ شريعتنا على صادعها آلاف التحيّة (٥) تختلف فيما لو خالف أحد في بعض أصولها (٦) كالتوحيد أو (٧) المعاد أو نحوهما.
لا يقال : لا سبيل إلى إنكار رسالة عيسى في الجملة ، فالقدر المشترك بين الكلّ مستصحب.
لأنّا نقول : إن أراد بالرسالة الصفة الواقعية الثابتة لنفس النبيّ والرسول في نفس
__________________
(١) « ز ، ك » : برسوله.
(٢) انظر بحار الأنوار ٢ : ٩٩ و ٣٠ : ١٧٨ و ٧٦ : ٣٤٧.
(٣) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : « فكذلك ».
(٤) عرفت في الصفحة السابقة.
(٥) « ز ، ك » : ـ على صادعها آلاف التحيّة.
(٦) « ز ، ك » : أصولنا.
(٧) « ز ، ك » : و.