إلى استصحاب حال الدليل الثابت في الزمن الأوّل من دعوى إفادته عموما أزمانيا ، والشكّ إنّما هو في تخصيصه بزمان دون آخر ، وأخرى : راجعة إلى استصحاب نفس الحكم الثابت في زمان ولو (١) لم يكن مدلولا عليه بلفظ عامّ كما لا يخفى.
والأوّل ليس من استصحاب عدم النسخ وإنّما هو الثاني كما عليه المشهور ، فعلى (٢) هذا فكما لا مانع من استصحاب الحكم الثابت في الزمن الأوّل مع حصول الشكّ في نسخه على مذاق القوم ، كذلك لا مانع منه فيما لو ثبت الحكم الفرعي في ملّة سابقة وشريعة ماضية ، ولا وجه لدفعه بالعلم الإجمالي بالنسخ في الأحكام الثابتة في سائر الأمم ؛ إذ ذلك لا يجدي في قبال دعوى اليهود والنصارى استصحاب الحكم وعدم نسخه ، نعم قد يكون مثمرا في المقام الأوّل وستعرفه فيه.
فإن قلت : لا يجري الاستصحاب فيها ؛ لعدم العلم بالمكلّف ، فإنّ المعلوم هو ثبوت الأحكام للأشخاص الموجودين في تلك الأزمنة ، وأمّا من تأخّر منهم فلا يقين في السابق.
قلت : فلا يجري الاستصحاب في الأحكام الثابتة في ديننا أيضا للوجه المذكور بعينه. ولو رام إلى التمسّك بأدلّة الاشتراك كقوله : « حلاله حلال وحرامه حرام » (٣) ، فهو إثبات للحكم في زمان الشكّ بدليل اجتهادي لا بالاستصحاب ، والمفروض جريانه على المشهور ، وإثبات الحكم في زمان (٤) الشكّ بنفس الاستصحاب لا بالعموم ، على أنّه يمكن إثبات الحكم بشخص واحد للزمانين ، ويتمّ في الباقي بعدم القول بالفصل.
ومن هنا يظهر فساد ما ذكره المحقّق القمي في دفع ما أورد (٥) على نفسه أخيرا من
__________________
(١) « م » : ـ لو.
(٢) « ز ، ك » : وعلى.
(٣) روى الكليني في الكافى ١ : ٥٨ ، باب البدع ، عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الحلال والحرام ، فقال : « حلال محمّد حلال أبدا إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة » ؛ ونحوه في بصائر الدرجات : ١٤٨.
(٤) « م » : زمن.
(٥) « ز ، ك » : أورده.