عرفت (١) فيما تقدّم في تحرير حريم الخلاف عدم الاعتداد بذلك ، فإنّ أدلّة الطرفين يشهد بدخولها في محلّ الكلام كما يظهر من استدلال النافين بأنّه لو كان حجّة لوجب (٢) تقديم بيّنة النافي على بيّنة المثبت لاعتضادها بالاستصحاب ، ومن استدلال المثبتين بأنّه لو لم يكن حجّة لما صحّ التمسّك ببرهان لفظي لاحتمال ما ينافي الاستدلال من النقل ونحوه (٣) مثلا ، ومطاوي كلمات النافين صريحة فيما ذكر ، ألا ترى أنّ صاحب المدارك (٤) يردّ استصحاب عدم التذكية بعدم اعتبار الاستصحاب مطلقا ، وفي كلمات السبزواري ، بل الخوانساري (٥) ـ (٦) وغيرهما النفي الصريح في الكلّ كما هو ظاهر من إطلاق عناوينهم الشاملة للمقامين.
وأمّا ما استند إليه الأستاد الأكبر (٧) من كونها إجماعية نظرا (٨) إلى اعتبار أصالة عدم النقل والحقيقة والنسخ عند المنكرين كالسيّد واضرابه ومن تابعهم ، فهو إنّما يتأتّى في الأصول اللفظية لا مطلقها كما لا يخفى ؛ ضرورة عدم انتهاض الخاصّ دليلا على ثبوت العامّ بعمومه.
واستند بعضهم إلى (٩) استكشاف الإجماع على اعتبار العدميات على (١٠) ما يظهر من تحرير العضدي حيث قال : ولا فرق عند من يرى صحّته بين أن يكون الثابت به نفيا أصليا أو حكما شرعيا فإنّ نفي الفرق بين النفي الأصلي والحكم الشرعي ـ بعد أن حكم بعدم ثبوت الحكم الشرعي بالاستصحاب قبيل (١١) ذلك عند النافي ـ صريح في خروج العدميات عن النزاع ، وإلاّ لم يكن لنفي الفرق وجه.
__________________
(١) عرفت في ص ٣٨ وما بعدها.
(٢) « م » : يوجب.
(٣) « ز ، ك » : نحوها.
(٤) تقدّم عنه في ص ٥١ ـ ٥٢.
(٥) « ج » : المحقّق الخوانساري.
(٦) تقدّم عنهم في ص ٤٦.
(٧) تقدّم عنه في ص ٤٤.
(٨) « ز » : نظر.
(٩) « م » : على.
(١٠) « ز ، ك » : « هنا ».
(١١) « ز ، ك » : فبقي.