وفيه : أنّ الظاهر من النفي الأصلي هي البراءة الأصلية فلا دلالة فيه على خروج مطلق العدميات.
وكيف كان فقد تحقّق فيما تقدّم في الهدايات السابقة فساد هذا التوهّم (١) ، فالأولى صرف عنان الكلام إلى تحقيق المرام في هذا المقام فنقول : إنّ الفرق بين استصحاب الوجود والعدم ظاهرا (٢) فيما هو المناط فيه ـ سواء كان عقلا أو نقلا ـ تحكّم صرف ؛ لأنّ المدار لو كان على حصول الظنّ بالبقاء بعد العلم بالحالة السابقة ، فإن قلنا بأنّ (٣) مجرّد ثبوت الشيء في السابق مع عدم العلم بارتفاعه يورث ظنّا بالبقاء من غير ملاحظة شيء آخر كالغلبة ونحوها ، فبعد تقدير التسليم ممّا لا يفترق (٤) فيه الوجود والعدم ؛ لحصول المناط فيهما معا. ودعوى بداهة الفرق بينهما كما يظهر من البعض ضرورية الفساد بعد ملاحظة الوجدان ، وعلى فرض انضمام شيء آخر بذلك فلا فرق أيضا ، ولو كان المدار على الأخبار فعدم الفرق بينهما أوضح.
نعم ، لو كان ولا بدّ أن يفصّل في المقام فأوجه التفاصيل التفصيل بين العدميات مطلقا والوجودي الذي كان الشكّ في بقائه من جهة الشكّ في الرافع ، وبين الوجودي الذي لم يكن الشكّ في رافعه ، سواء كان الشكّ من حيث المقتضي أو من حيث المانع.
وتحقيقه يتوقّف على تمهيد ، فنقول : قد تقرّر بناء العقلاء كافّة على الحكم بوجود المقتضي والمعلول بعد إحراز المقتضي ، وإن كان المانع وجوده (٥) مشكوكا أو الرافع وقوعه محتملا كما إذا فرضنا وجود مقتضي الإحراق في محلّه وشككنا في وجود مانع من وجود الإحراق ، فالعقلاء قاطبة بناؤهم مستقرّ على ترتيب (٦) آثار الإحراق ، وكأنّ
__________________
(١) « ز ، ك » : وكيف كان فلا شبهة في فساد هذا التوهّم كما يظهر من المراجعة إلى بعض الهدايات السابقة.
(٢) « ز ، ك » : ظاهر.
(٣) « ز ، ك » : إنّ.
(٤) « ج » : لا يفرق.
(٥) « ز ، ك » : وجود المانع.
(٦) « ز ، ك » : ترتّب.