الظنّ من عدم اعتباره في الاعتقاديات.
وأمّا الثاني : فلأنّ بعد فرض انتفاء الموضوع لذلك الحكم لا معنى لاستصحاب الحكم. وتوضيحه أنّ الوجوب (١) المتعلّق (٢) بالاعتقاد لا يعقل وجوده بعد انتفاء الاعتقاد إن أريد إثبات الحكم والوجوب بعد ارتفاع الاعتقاد ، وإن أريد به بعد وجود الاعتقاد فلا ثمرة فيه ؛ إذ بعد الاعتقاد بنبوّة نبيّ لا يترتب على الوجوب المتعلّق به حكم ، فإنّ المقصود في المطالب الاعتقادية هو نفس الاعتقاد من غير مدخلية شيء آخر والمفروض حصوله.
فإن قلت : يمكن استصحاب وجوب تحصيل الاعتقاد فيما لو دلّ الدليل عليه في السابق عند انتفاء الاعتقاد.
قلت : مع قيام الدليل على الاعتقاد كأن يكون هناك دليل مفيد له لا وجه للاستصحاب ؛ إذ المفروض حصول الاعتقاد بواسطة ذلك الدليل ، ومع عدمه يمكن الاستصحاب ، إلاّ أنّ المقدّر خلافه ؛ لوجود الدليل دائما على ذلك ، فتدبّر. كذا أفيد.
وأمّا الثالث : فلأنّ المعتقد من الموضوعات لا معنى لاستصحابه في موارد الشكّ بمعنى أنّه لا يكون ثابتا في مقام الظاهر ، نعم معنى استصحابه هو ترتيب الآثار المترتّبة عليه حال العلم ، وليس ذلك إلاّ الأحكام الفرعية كما لا يخفى.
وأمّا الأصولية العملية فجريان الاستصحاب فيها فتارة : من حيث التعبّد بواسطة دلالة الأخبار ، وأخرى : من حيث إفادته الظنّ وبناء العقلاء (٣) ، فعلى الأوّل لا إشكال في جريان الاستصحاب واعتباره أيضا إلاّ أن يقال بعدم كفاية غير العلم فيها ، وعلى الثاني أيضا كذلك بناء على ما هو التحقيق من كفاية الظنّ في الأصول أيضا ، سيّما على تقدير كون الظنّ الحاصل منه ظنّا مخصوصا لقيام دليل على اعتباره كبناء العقلاء
__________________
(١) في النسخ : وجوب.
(٢) « ز ، ك » : المعلّق.
(٣) « ز ، ك » : الاستصحاب فيها من حيث ... الأخبار تارة ، ومن حيث ... بناء العقلاء أخرى.