معلومة بواسطة اندراج موضوع القضيّة المفروضة في (١) موضوع آخر يعلم ثبوت الحكم له بداهة ولو بتعدّد الوسائط ، لامتناع التسلسل واستحالة الدور ، لا إشكال في عدم معقولية الاستصحاب على الأوّل ؛ إذ المفروض أنّ نفس تصوّر الموضوع يكفي في الحكم العقلي الضروري (٢) ، فعند الشكّ بواسطة حدوث حادث إمّا أن يكون الحكم المتعلّق بذلك الموضوع باقيا فلا استصحاب ؛ إذ لا شكّ ، ففرض الشكّ خلاف للفرض ، وإمّا أن يكون الموضوع مغايرا فلا استصحاب ؛ لعدم الموضوع ، وكذا على الثاني ؛ لأنّ موضوع القضيّة المشكوكة لا بدّ وأن يكون معلوم الاندراج في موضوع تلك القضيّة المعلومة الضرورية ، ومع حدوث الحادثة بازدياد شيء إمّا أن يكون مندرجا فيه (٣) ، أو لا يكون (٤) ، وعلى التقديرين لا استصحاب ؛ إذ على الأوّل لا شكّ (٥) ، وعلى الثاني لا يكون الموضوع باقيا ، والاستصحاب فرع الموضوع.
لا يقال : قد يكون العقل حاكما بقبح شيء بواسطة اندراجه في موضوع غير معلوم للعقل ؛ لتردّده بين أمور غير معلومة ، فيجري فيه الاستصحاب.
لأنّا نقول : على تقدير وجود ذلك وليس كذلك قطعا ، كما يظهر بعد الرجوع إلى الوجدان ، سيّما بالنسبة إلى الأمثلة المذكورة ، فلا يجري فيه الاستصحاب أيضا ؛ لعدم العلم بالموضوع فلعلّه مقيّد بعدم تلك الحادثة في الأحكام العقلية ، ولهذا (٦) ترى فيما لم يحرز الموضوع لا يحكم بالاستصحاب في الأحكام الشرعية أيضا ، سيّما فيما كان الحكم مستفادا من الإجماع لا لما زعمه الغزالي (٧) على ما نسب (٨) إليه ، بل لعدم العلم بموضوع الحكم كما ستطّلع على تفاصيل ذلك إن شاء الله (٩).
__________________
(١) « ز ، ك » : كما في.
(٢) « ز ، ك ، ل » : الضروري العقلي.
(٣) « م ، ج » : فيها ، وكتب فوقها « فيه » وعكس ذلك في « ز » ، وفي « ك » : فيها.
(٤) « م » : ـ أو لا يكون.
(٥) « م » : ـ لا شكّ.
(٦) « ز ، ك » : لذا.
(٧) سيأتي عنه في ص ٦١.
(٨) « ج ، م » : نسبه.
(٩) « ز ، ك ، ل » : على تفصيله.