فإن قلت : إنّ الوجه المذكور في استصحاب الأحكام الوجودية العقلية بعينه جار في استصحاب الأحكام العدمية ، فإنّ العقل لا يحكم إلاّ بعد الإحاطة بجميع قيود موضوع الحكم والاطّلاع على حدوده وأطرافه ، ولا يفرق في ذلك الوجود (١) والعدم ، فلا بدّ من عدم (٢) جريان استصحاب حكم العقل مطلقا ، ولا وجه للتفصيل.
قلت : ليس الحكم بالعدم الأزلي الأصلي الذي هو المستصحب (٣) إلاّ بواسطة انتفاء أحد أجزاء علّة الوجود الراجعة إمّا إلى الفاعل أو إلى القابل ـ مثلا ـ على سبيل منع الخلوّ ، فعند حكم العقل بالعدم بواسطة وجود المانع أو فقد المقتضي ـ مثلا ـ لا يجب أن يكون المعلول موجودا على فرض حصول الشكّ فيه بواسطة انتفاء العلّة التي استند حكم العقل بالعدم إليها ؛ لاحتمال انتفاء جزء آخر من علّة الوجود ، فنفس العدم الأزلي مستصحب ؛ لعدم (٤) العلم بالعلّة التامّة (٥) للوجود ، نعم لو فرض وجود تمام أجزاء (٦) العلّة التي يستند إليها الوجود عدا ما حكم العقل بعدم المعلول بواسطة انعدامه من أجزاء العلّة التامّة فبعد (٧) فرض وجود الجزء (٨) المعدوم لا ينبغي (٩) الشكّ في وجود المعلول ، وبذلك يسقط استصحاب العدم الأزلي ، وهذا بخلاف الوجود ، فإنّ العقل ما لم يقطع بوجود جميع أجزاء علّته التامّة لا يحكم بوجوده ، فعند الشكّ في جزء منها مع (١٠) الإحاطة بتمام أطرافه وحدوده ، يعلم إمّا بانتفاء علّة الوجود فلا شكّ (١١) في الارتفاع ، وإمّا بوجوده فلا شكّ في البقاء.
ومن هنا ينقدح أنّ ما أفاده المحقّق القمي (١٢) في بحث الإجزاء من أنّه (١٣) بعد حصول
__________________
(١) « ك » : بين الوجود.
(٢) « ز ، ك » : نفي.
(٣) « ج » : مستصحب.
(٤) « م » : بعدم.
(٥) « ج » : المتأخّرة.
(٦) المثبت من « ل » في سائر النسخ : « الأجزاء ».
(٧) « ز ، ك ، ل » : وبعد.
(٨) المثبت من « ل » وفي سائر النسخ : « جزء ».
(٩) « ل » : لا يبقى.
(١٠) « ك » : بعد.
(١١) « ل » : فلا يشكّ ، وكذا في المورد الآتي.
(١٢) لم أجده في بحث الإجزاء من القوانين.
(١٣) « ج ، م » : أنّ.