الأخبار إلى الشكوك السارية فاعترضه بأنّ الانصراف إنّما يتمّ (١) فيما لو سلّمناه عند إطلاق الدليل والمفروض على ما بيّن في محلّه عموم أخبار الباب ، فلا وجه لدعوى الانصراف فيه ، ولقد أغرب بعضهم فادّعى أنّ مورد الأخبار المذكورة في الشكوك السارية ، وهو غريب عجيب (٢) ؛ إذ ليس فيها منها عين ولا أثر.
والتحقيق : عدم الارتباط بينهما ، وتوضيحه يتوقّف على بيان وجوه الفرق بين المقامين ، فنقول : إنّ الاستصحاب يفترق مع الشكّ الساري مفهوما وموردا وثمرة.
أمّا الأوّل : فلأنّ المعتبر في الاستصحاب هو الوجود السابق ـ وإن لم يكن معلوما في السابق ، بل لو علمنا (٣) بوجوده في السابق في زمان الشكّ ببقائه على وجه تقارن (٤) الشكّ اليقين في زمان واحد كان استصحابا ، وأمّا ما هو المعروف من اعتبار اليقين السابق فمن حيث إنّ اليقين مرآة عن الوجود والتحقّق ، وليس لخصوص وصف اليقين في السابق مع قطع النظر عن استكشاف الواقع به مدخلية في الاستصحاب ـ والشكّ اللاحق في بقاء الموجود المتحقّق سابقا وارتفاعه ، والمعتبر في الشكّ الساري هو وصف اليقين السابق على الشكّ ـ وإن كان ذلك اليقين متعلّقا بموجود في اعتقاد المعتقد حال الاعتقاد إلاّ أنّ حدوث ذلك وتحقّقه غير ملحوظ في الشكّ الساري ولو في اعتقاده ـ والشكّ اللاحق في صحّة ذلك اليقين ومطابقته للواقع وعدمها ، ولا ينافي القطع بارتفاعه على تقدير وجوده وصحّة اليقين أو القطع ببقائه على هذا التقدير (٥) أو الشكّ فيه ؛ إذ لا يناط بالشكّ في الوجود في الزمن الثاني ، وإنّما مناطه الشكّ في صحّة الاعتقاد وهو لا ينافي القطع بالبقاء ؛ ضرورة إمكان حصول القطع بالملازمة مع الشكّ في وجود الملزوم كما هو ظاهر.
__________________
(١) « ز ، ك » : « هو » بدل : « يتمّ ».
(٢) « ج ، م » : ـ عجيب.
(٣) « ز ، ك » : علمناه.
(٤) « ز ، ك » : يقارن.
(٥) « ز ، ك » : هذا الفرض والتقدير.