نظرا إلى أصالة الطهارة ، إلاّ أنّه ربّما يغالط فيقال : إنّ ذلك الحيوان المتولّد من الكلب باعتبار ملاقاته لباطن الكلب أو بواسطة تلطّخه بدم النفاس كان نجسا قطعا ، وبعد ما زالت النجاسة العرضية ـ مثلا ـ يشكّ (١) في بقاء النجاسة وارتفاعها فتستصحب (٢) النجاسة ، وفساده ممّا لا يكاد يخفى على أوائل العقول. ومن هذا القبيل جملة من موارد الاستصحاب وقد مرّ الإشارة إلى بعضها ، كما في استصحاب وجوب الأجزاء بعد تعذّر الكلّ ، ومنه ما غالط به بعض الأخبارية على ما نقل عنه في ردّ العمل بالاستصحاب في الأحكام من أنّ العمل به قبل الفحص حرام قطعا ، وبعده يشكّ فيها ، والاستصحاب يقضي بحرمته ، ومنه ما تمسّك به بعضهم (٣) في إثبات حجّية العامّ المخصّص باستصحاب حجّيته قبل التخصيص بعده ، فإنّ الكلّ على حدّ سواء في عدم الاعتداد بالاستصحاب فيها (٤) ؛ لأنّ الحكم اللاحق للعنوان باعتبار أمر طار عليه قد ارتفع قطعا ، إذ لا ريب في انتفاء الاعتقاد بالحلّية أو الطهارة بالنسبة إلى المثال الأوّل ، فإنّه كان هو المنشأ لتخيّل الحكم الظاهري ولم يكن حكما ظاهريا أيضا كما لا يخفى ، والحكم اللاحق للعنوان باعتبار أمر (٥) آخر غير معلوم الثبوت ابتداء ، فلا يتحقّق الاستصحاب.
فالاستصحاب في هذه الموارد بالنسبة إلى الجهة المشكوكة يكون من الاستصحاب في الشكوك السارية ، وبالنسبة إلى الجهة المعلومة من الاستصحاب في الشكوك العرضية ، فعند التحقيق يكون الشكّ في الاستصحاب العرضي من الشكّ في الأقلّ والأكثر لا على وجه الارتباط بين الأقلّ والأكثر ، بل الأقلّ بعنوانه معلوم تفصيلا والزائد غير معلوم كذلك ، وبمثل ذلك يجاب في المغالطة الأخبارية فإنّ الحرمة اللازمة
__________________
(١) « ج ، م » : نشكّ.
(٢) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : فيستصحب.
(٣) نقل المحقّق القمي في القوانين ١ : ٢٦٥ عن بعضهم أيضا ، كما تقدّم عنه في ص ٣١٨.
(٤) « م » : فيهما ( ظ ).
(٥) « ج ، م » : ـ أمر.