الأعاظم منهم سيّد الرياض (١) إلاّ أنّه قيّد الحكم بما إذا كان الحكم الخياري مدركه الإجماع ، وأمّا لو كان الوجه في ثبوت الخيار هو نفي الضرر والضرار فلا يجري فيه الاستصحاب ؛ لاستناد الحكم فيه إلى علّة معلومة الارتفاع كما في استصحاب الأحكام العقلية. وأمّا ما أفاده المحقّق الثاني من أنّ قوله : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٢) لو لم يكن عامّا بالنسبة إلى الزمان لم ينتفع (٣) بعمومه ، فهو في غاية الجودة ، إلاّ أنّه لا يجديه فإنّ من الظاهر أنّ عموم الزمان الملحوظ فيه لا يجب أن يكون على الوجه الثاني كما لا يخفى ، هذا إذا كان عموم الدليل في مجموع الزمان على ما هو القسم الأوّل من التقسيم الثاني.
وأمّا القسم الثاني وهو ما كان عموم الدليل بالنسبة إلى الأزمنة عموما متناولا لكلّ جزء من أجزائه بحيث يكون كلّ واحد منها فردا برأسه ملحوظا للآمر (٤) ، فلا يجري فيه الاستصحاب على بعض الوجوه ويجري على بعض آخر ، ويكشف عن العموم على هذا الوجه إمّا ملاحظة عنوان العامّ كأن يكون مشتملا على أداة استغراق بالنسبة إلى الزمان أيضا كما في قولنا أكرم العلماء في كلّ زمان زمان ، وإمّا يستفاد ذلك من عنوان المخصّص فإنّه دليل على المستثنى منه كالمستثنى في ملاحظة الزمان فيه قيدا ؛ لأنّ الظاهر منه الاتّصال ، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون العموم مستفادا على الوجه المذكور من اللفظ أو العقل بمعونة حذف المتعلّق ونحوه.
وكيف كان ففيما لو وجد مثل هذا العامّ في الأدلّة فإمّا أن يكون الحكم في دليل المخصّص معلّقا على موضوع موجود في بعض الأفراد الملحوظة في ذلك العامّ ، كما إذا أمر المولى بلزوم الإتيان بالصلاة في كلّ زمان ـ مثلا ـ إلاّ من كان مريضا أو مسافرا
__________________
(١) الرياض ٨ : ١٩٩ ـ ٢٠٠ ، و ١٠ : ٣٨٧ ، وفي ط الحجرية ١ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦ ، و ٢ : ١٣٥.
(٢) المائدة : ١.
(٣) « ج » : لم ينفع.
(٤) « م » : به الآمر.