مثلا ، فعند الشكّ في ارتفاع ذلك الموضوع لا إشكال في جريان الاستصحاب في نفس ذلك الموضوع ، ويلازمه عدم الاعتداد بالعموم على ما هو الظاهر ، كما إذا شكّ في حصول الحدّ في الفرد الخارج من عموم الزمان كما في قولنا : « أكرم العلماء في كلّ يوم إلاّ يوم الخميس » ثمّ شكّ في انتهائه مثلا ، وإن كان بينهما فرق (١) آخر من جهة أخرى. وإمّا أن لا يكون كذلك ، كما إذا شكّ في المثال المذكور في وجوب الإكرام في الجمعة فلا بدّ من الأخذ بعموم العامّ فيه ، ولا وجه للأخذ بالاستصحاب في مثله وإن فرضنا عدم عموم العامّ ؛ لأنّ المفروض أنّ الزمان قيد للحكم فبملاحظة اختلافه يختلف أفراد الحكم ولا يصحّ إجراء حكم فرد وانسحابه في آخر بالاستصحاب ، وليس هذا بواسطة أنّ العامّ دليل اجتهادي ولا يعارضه الاستصحاب العملي كما قد يتوهّم.
نعم ، لو فرضنا إهمالا في عنوان المخصّص ولم يكن عموم العامّ كاشفا عن اعتبار الزمان في المخصّص على الوجه المعتبر فيه ـ إذ كما أنّ المخصّص يكشف عن عموم العامّ قد يكون عموم العامّ أيضا كاشفا للمخصّص كما إذا ثبت عدم وجوب إكرام العلماء في الخميس لا على وجه التقييد ـ فيجري فيه الاستصحاب ، وإنّما يمنع منه عموم العامّ فلو لا العامّ كان الاستصحاب هو المرجع ، بخلاف الأوّل فإنّه على هذا التقدير لا يصحّ الأخذ بالاستصحاب ، بل لا بدّ فيه (٢) من الرجوع إلى ما يقتضيه سائر القواعد الممهّدة لبيان مواضع الشكّ.
ثمّ إنّ كلام المحقّق الثاني والشهيد إن كان في خصوص قوله : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) فلم يظهر لنا مخالفتهم لما أوردناه من التحقيق وإن صعب الأمر في (٣) بعض المصاديق من المفهوم المذكور كما عرفت في خصوص المثال على حذو ما سبق ، وإن كان ذلك من
__________________
(١) « ج ، م » : فرقا.
(٢) « ج ، م » : ـ فيه.
(٣) « ز ، ك » : « يختصّ » بدل : « صعب الأمر في » وبعد « في » زاد ما بين السطور في نسخة « م » بخط آخر : « تحقيق ».