وأمّا المستغرق للأزمان فقد عرفت انقسامه إلى عموم دائمي استمراري ، وإلى عموم أزماني استغراقي.
لا كلام في جريان الاستصحاب في القسم الأوّل من دون أن يكون مخصّصا للعامّ ؛ إذ التخصيص فرع الارتباط ، والمفروض عدم دلالته عليه في كلّ زمان فلا ارتباط فلا تخصيص.
وأمّا القسم الثاني فقد مرّ أنّ المخصّص ربّما يكون معلّقا على موضوع فيستصحب ذلك الموضوع وليس من التخصيص في شيء ، وقد يكون الشكّ في حصول الحدّ فيستصحب وليس من التخصيص في شيء ، وقد يكون عنوان المخصّص مهملا فيمكن استصحابه لو (١) لا العموم فلا يجري فيه الاستصحاب نظرا إلى ورود الدليل الاجتهادي على العملي كائنا ما كان ، وقد يكون الدليل عامّا شاملا لتمام أفراد الزمان على حسب ما لاحظها الآمر في مقدار الزمان ، سواء كان ذلك العموم مستفادا من عنوان العامّ أو من عقل أو نقل ونحوهما ، فلا بدّ من الأخذ بعموم العامّ وليس من مجرى الاستصحاب في شيء ؛ لأنّ المفروض كونه مقيّدا (٢) بالزمان وبعد زوال القيد وحصول قيد آخر للحكم يصير فردا آخر قطعا ، ولا يمكن انسحاب حكم فرد قطعي المغايرة (٣) لفرد آخر فيه.
فاتّضح ممّا حقّقنا أنّ الفاضل المذكور إنّما خلط بين الأدلّة التعليقية الدالّة على أحكام الشكّ وبين غيرها ، وما استشهد به (٤) من كلام الفقهاء إنّما هو من هذا القبيل. وأمّا الاستشهاد بعمومات الحلّ فلعلّه مبنيّ على ما نبّهنا عليه من أنّ متمسّك البعض في مقام إثبات الإباحة الأصلية هو هذه العمومات والمعترض المذكور إنّما خلط بين الكلّ وإن أصاب بعض الحقّ في عدم جواز ورود الاستصحاب كائنا ما كان على
__________________
(١) « ج ، ز ، ك » : ـ لو.
(٢) « م » : مقيّدة.
(٣) « ز ، ك » : فرد المغاير.
(٤) « ج ، م » : ـ به.