إلى عناوين الأدلّة بعد أنّ الواضح هو أسدّية المعيار التدقيقي والأخذ بالموضوع التحقيقي ، وذلك لا ينافي عدم اقتصارهم في بعض المقامات على ما هو المستفاد من ظاهر الدليل الوارد في مقام الحكم ؛ لإناطة الحكم إلى ما هو أعمّ من المستفاد من الظاهر ، وليس ذلك على وجه الاقتراح كما هو في المعيار العرفي كذلك ، بل قد يكون ذلك بواسطة فهم العرف إلقاء (١) بعض الخصوصيات في الحكم كما هو كذلك في قولهم : « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (٢) إلى غير ذلك من الموارد ، فالأخذ بذلك الأمر الأعمّ ليس أخذا بما هو خارج عن مدلول اللفظ الوارد في مقام بيان الحكم ، فإنّ مداليل الألفاظ معتبرة مطلقا ، سواء كانت على وجه المطابقة أو الالتزام كما في الدلالات الإيمائية والاقتضائية ، وهذا الأمر العامّ وإن لم يكن من مدلول اللفظ مطابقة إلاّ أنّ اللفظ يدلّ عليه ولو بوجه من الإيماء والإشارة التزاما ، إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم أنّ ما ذكرنا يختلف غاية الاختلاف باختلاف الأحكام والمحمولات ، فإنّ بعض هذه الأحكام على وجه لا يستفاد من الدليل إلاّ اختصاصه بما هو المستفاد من الدليل مطابقة وليس له مدلول التزامي ، والبعض الآخر يستفاد ذلك منه (٣) أيضا ، مثلا الملكية المترتّبة على الكلب الواقع في المملحة مستصحبة قطعا ولكنّ النجاسة يمكن الاختلاف فيها على ما عرفت (٤).
وبالجملة : فالرجوع إلى عناوين الأدلّة في تشخيص الموضوع في الاستصحاب على ما يصل إلى النظر أقوى الوجوه ، وعلى ذلك فما نقلنا (٥) عن الفاضل في الفرق بين النجس والمتنجّس في محلّه ، ولا يرد عليه النقض بمثل الماء المتنجّس إذا استحال بولا
__________________
(١) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : إبقاء.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٥ ، باب ٨ من أبواب النجاسات ، ح ٢ و ٣. وسيأتي في ص ٥٤٨ و ٥٥٤ و ٦٤٧.
(٣) « ز ، ك » : منه ذلك.
(٤) « ز ، ك » : عرفته.
(٥) نقله في ص ٣٩١.