فاعتقاد الفقيه بالنظر إلى حكم الله الواقعي اجتهاد ؛ لأنّه ظانّ به ، وبالنظر إلى (١) حكم الله الظاهري فقه وعلم ؛ لأنّه عالم به ، كما أنّ له أسامي أخر أيضا مثل أنّه قاض بالنظر إلى أنّه يرفع المخاصمة بين المترافعين إليه بالخصومة ، وحاكم الشرع بالنظر إلى مثل ضبط مال (٢) الأيتام والمجانين والغيّب ، وغير ذلك من الأسامي كما بيّناه في الفوائد (٣) ولكلّ اسم من تلك الأسامي أحكام مخالفة لأحكام الاسم الآخر ومباينة له ؛ لأنّ الفقيه عمله (٤) بالأدلّة الخمسة ولا يجوز للفقيه تقليده وبعد الموت يموت قوله ، بخلاف القاضي فإنّ حكمه باق إلى يوم القيامة وماض على الفقهاء وغيرهم ، وعمله بالشهادة والحلف ونحو ذلك ، قال رحمهالله : فتعيّن كون المراد من العلم المعنى الحقيقي ولا محيص عنه قطعا ؛ لما عرفت وستعرف من المفاسد في جعل المراد منه الظنّ أو ما يشمله (٥) ، انتهى.
وصريح ما أفاده هو ما ذكرنا من أنّ الدليل على قسمين : قسم : يحصل (٦) منه الاجتهاد وهو ما يحكي عن حكم الله الواقعي الثابت في نفس الأمر ، وليس للشكّ في موضوعه مدخل في وجه وإن كان محلّ الاستدلال هو مقام الشكّ وعدم العلم كما هو ظاهر لا سترة عليه ، والآخر : ما يحصل منه الفقاهة (٧) التي هو العلم بالأحكام الشرعية ، فلا بدّ إمّا من حمل الأحكام على الأحكام الظاهرية باستعمالها فيها أو بتقيّدها بها (٨) ، وإمّا من تقدير مضاف للأحكام يكون متعلّقا للعلم كوجوب العمل ، وهو الأولى ؛ لأنّ الظرف حينئذ لا بدّ أن يكون متعلّقا بالأحكام دون العلم ، وعلى تقدير التقييد (٩) فيها أو الاستعمال لا يصحّ ؛ إذ الأحكام الظاهرية لا تكون (١٠) مستفادة من الأدلّة كما لا يخفى.
__________________
(١) « ج ، م » : ـ إلى.
(٢) « ز ، ك » : أموال.
(٣) الفوائد الحائرية : ٤٩٩ ، فائدة ٣٣.
(٤) « ز ، ك » : علمه.
(٥) حاشية المعالم ( مخطوط ) : ٨٠ / أ.
(٦) « ج ، م » : ما يحصل.
(٧) « ز ، ك » : الفقاهية.
(٨) في النسخ : به.
(٩) « م » : التقيّد.
(١٠) « ج ، م » : لا يكون.