ظهوره حاكم على ظهور اللفظ في معناه الحقيقي كما في العامّ والخاصّ أيضا ، فإنّ العقل بعد ما يلاحظ من التناقض بين العامّ والخاصّ ـ ضرورة رجوعهما إلى سالبة كلّية وموجبة جزئية أو موجبة كلّية وسالبة جزئية ـ يحتمل عنده ورود ظهور الخاصّ على العامّ بحمله عليه أو التصرّف في الخاصّ بحمل أمره أو نهيه على وجه لا ينافي ظهور العامّ ، وهكذا في القرينة فإنّ من المحتمل ورود ظهور « يرمي » على ظهور المعنى الحقيقي ابتداء ، مثل احتمال ورود ظهور المعنى الحقيقي على ظهور القرينة كأن يحمل على معنى لا ينافي المعنى الحقيقي ، ثمّ (١) بعد ملاحظة التعارض والتناقض يساعد على تقديم (٢) ظهور الخاصّ والقرينة في الأغلب على الآخر ، فيحكم بحمل العامّ على الخاصّ ، والحقيقة على المجاز ، ففي هذين القسمين ليس الخاصّ والقرينة ناظرين (٣) إلى خلافهما بمدلوليهما ؛ لما عرفت من عدم الارتباط بينهما ، ولهذا قد تراهم يلتزمون بورود العامّ على الخاصّ أيضا ، وقد لا يحكمون بمقتضى القرينة الصارفة أيضا ، بخلاف ما إذا كان أحد المتعارضين ولو في الصورة ناظرا إلى الآخر بمدلوله اللفظي كأن يكون مبيّنا له مفسّرا له كاشفا للمراد عنه ، ولازمه عدم المعارضة وعدم التناقض ؛ ضرورة انتفاء التعارض بين المفسّر والمفسّر ، والبيان والمبيّن ، كيف وهو ناظر إلى ما هو المراد منه وإن كان لا يخلو عن ارتكاب شيء أيضا إلاّ أنّ الفرق بينهما واضح ظاهر غير خفيّ على أحد ، وذلك بحسب الواقع قد يكون عين التخصيص وإن لم يكن منه ظاهرا بواسطة اختلاف وجوه الكلام كما إذا كان المفسّر خاصّا بحسب المفهوم ، وقد يكون غيره كما إذا كان المفسّر مساويا للمفسّر ، وإن جوّزنا التفسير بالأعمّ فمخالفته مع التخصيص أظهر ، ومنه يظهر أنّ ملاحظة النسبة بين المفسّر والمفسّر ليس في محلّه ؛ إذ بعد كونه بيانا فلا يعقل ملاحظة النسبة ، لاختصاصها بالمتعارضين والمفروض انتفاؤه
__________________
(١) « ز ، ك » : « و » بدل : « ثمّ ».
(٢) « ز ، ك » : تقدّم.
(٣) هذا هو الصواب ، وفي « ج ، م » : ناظران. وفي « ز ، ك » : ناظرا.