على وجه يقضي (١) بذلك.
ثمّ إنّ البيان قد يختلف وضوحا وخفاء ، فأوضح البيانات ما قد يوجد في كلمات اللغويين والمترجمين من بيان معنى اللفظ في تلك اللغة أو في لغة أخرى ، وأخفى من ذلك ما قد عرفت من تفسير الأسد بالرجل الشجاع ، وأخفى من ذلك قوله تعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ )(٢) وآيتي الاستباق (٣) والمسارعة (٤) على تقدير دلالتها (٥) على المطالب المستدلّ بها عليها ، فإنّها بيانات للأحكام الثابتة في الدين بأجمعها ، فكأنّ (٦) مفادها أنّ المجعول (٧) في (٨) الدين هو ما لا حرج فيه ، وأنّ المراد بتلك الأوامر الواردة في الشريعة والمقصود منها الفورية مثلا ، فلا مجال للتعارض على ما زعمه المحقّق القمي ؛ إذ (٩) من المعلوم أنّ البيان ليس منافيا للمبيّن ، وأخفى من ذلك ما تسمعه في حكومة الأدلّة الاجتهادية على الأصول العملية ، ومن جملة علامات البيان أنّه لو قطع النظر عن ورود المبيّن كان البيان لغوا صرفا ، كما يظهر من ملاحظة قولنا : أعني الرجل الشجاع ، لو لم يكن كلاما برأسه ، أو (١٠) قولنا : ما أردت الأسد الحقيقي ، بل أردت الرجل الشجاع ، إذا (١١) لم يكونا مسبوقين بقولنا : رأيت أسدا مثلا ، ومن كواشفه أيضا أنّ حمل البيان على وجه لا يكون بيانا ممّا يعدّ في العرف من إخراج الكلام عمّا سيق إليه بالمرّة ، بخلاف التخصيص فإنّ حمل الأمر فيه على الاستحباب أو تصرّف آخر فيه على وجه لا ينافي عموم العامّ ، ليس بهذه المثابة من القبح كما لا يخفى على من
__________________
(١) « ج » : يقتضي.
(٢) الحج : ٧٨.
(٣) قوله تعالى : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) البقرة : ١٤٨ ؛ المائدة ٤٨.
(٤) قوله تعالى : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) آل عمران : ١٣٣.
(٥) « ز ، ك » : دلالتهما.
(٦) « ز ، ك » : لكان.
(٧) « ز » : المجمعون ، « ك » : المجموع.
(٨) « م » : « من » ، « ز » : « فمن ».
(٩) « ج » : « و » بدل : « إذ ».
(١٠) « ز ، ك » : إذ.
(١١) « ك » : إذ ، وكذا غيّرت بـ « إذ » في نسخة « ز ».