الدليل عند استفادة المطلوب منه ، وقد عرفت أنّ مضمون هذه الأخبار مع جميع القيود الملحوظة فيه من صدق الشيء والشكّ فيه والتجاوز عن محلّه لا يصدق على الشيء المشكوك فيه بجميع عناوينه وتمام حيثياته ؛ لعدم صدق المضمون على الوضوء في الملاحظة المذكورة ، لانتفاء القيد (١) الأخير ، فيختلف عن أحكام يترتّب (٢) على عنوان غير مشتمل على هذا القيد وقد مرّ مرارا بأنّه لا غرو في ذلك.
و (٣) من ذلك ما لو نذر قراءة سورة معيّنة كسورة يس ـ مثلا ـ في الصلاة ، فإنّ التجاوز من محلّ السورة إنّما يجدي في الحكم بقراءة مطلق السورة لا السورة الخاصّة ؛ لعدم ثبوت هذا (٤) العنوان بالأصل.
ونظيره في غير المقام ما (٥) لو ثبت اشتغال ذمّة واحد لآخر بإقامة شاهد على استراقه منه شيئا وإتمامه باليمين ، فإنّه يحكم بمجرّد الاشتغال دون عنوان السرقة فلا يجوز قطع يده ، بخلاف ما لو ثبت بشاهدين فإنّ عنوان السرقة يثبت بذلك فيترتّب عليه أحكامها.
ولا مناص ممّا ذكرنا إلاّ بدعوى أنّ المستفاد من الأخبار هو الحكم بوجود المشكوك فيه مطلقا ، وعدم الاعتناء بأمثال هذه النكات والدقائق في استنباط الأحكام من الأدلّة واستخراج المطالب من الألفاظ (٦) الواردة في مقامها ولعلّها خارجة عن طريق العلم والاستدلال ، فإنّ الأحكام العرفية مع كمال سهولتها فهي في عين الصعوبة ، فليس كلّ ما يكون حاله إليهم سهلا فإنّه صعب مستصعب ، فتدبّر.
__________________
(١) في النسخ : قيد.
(٢) « م » : ترتّب.
(٣) « ز ، ك » : ـ و.
(٤) « ز ، ك » : هذه.
(٥) « ز ، ك » : ـ ما.
(٦) « ز » : ألفاظ.