واحدة منها.
لأنّا نقول : حفظت شيئا وغابت عنك أشياء ، فإنّ وجود المقدّمة حقيقة وواقعا يكفي في ترتيب ذويها (١) عليها من غير إعادة (٢) لها وتكرار فيها (٣) ، وأمّا وجودها التنزيلي فلا بدّ من الاقتصار على قدر التنزيل شرعا ، وأمّا حديث الطهور (٤) فواه جدّا ؛ لكونه طهارة شرعية على حسب التنزيل كما في الاستصحاب ، فهذه القاعدة أيضا محكّمة على قوله : « لا صلاة إلاّ بطهور » على نحو تحكيم الاستصحاب عليه إلاّ أنّه لا بدّ من مراعاة مقدار التنزيل في كلّ واحد منهما.
وما ذكرنا من مراعاة العنوان المنزّل ومقدار التنزيل ليس بذلك البعيد ، فإنّ كثيرا ما يوجد أمثاله (٥) في الأحكام الشرعية ، فإنّ للشيء قد يكون وجوها مختلفة وعناوين متعدّدة يستتبع كلّ واحد منها أحكاما متفاوتة كما عرفت في الوضوء ، وكذلك في الغسل فإنّه من حيث إنّه حركة وسكون له أحكام ومن حيث إنّه تصرّف في مال الغير له أحكام أخر ، فلو شكّ في الغسل بعد التجاوز عن محلّه يحكم بوجوده من حيث إنّه شرط شيء (٦) لا يجوز الدخول فيه بدونه مثلا ، ولا يثبت بذلك جميع عناوينه ، فلا يجب على الشاكّ في الغسل بعد البناء على وجوده دفع الأجرة إلى صاحب الحمّام مثلا ، وذلك أمر ظاهر بعد ظهور تعقّل التفكيك بين الأمور المتضايفة في الشريعة والعناوين المتلازمة كما في الأقارير والدعاوي ونحوها ممّا لا حدّ له ولا حصر (٧) فيه ، وبعد دلالة الدليل على الوجه المذكور فإنّ قضيّة القواعد المعمولة في استخراج المطالب من الألفاظ الواردة في بيانها هو الأخذ بجميع ما يظهر من القيود في
__________________
(١) « ز ، ك » : ذيها.
(٢) « ز ، ك » : إفادة.
(٣) « ز ، ك » : منها.
(٤) « ز ، ك » : الظهر.
(٥) « ز ، ك » : مثاله.
(٦) « ز ، ك » : ـ شيء.
(٧) « ز ، ك » : لا ينحصر.