وإذ قد تمهّد هذا (١) فنقول : إنّ قوله عليهالسلام : « كلّ شيء شكّ فيه ممّا قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه » (٢) إنّما هو تنزيل للمشكوك فيه منزلة الموجود لكن على عنوان مخصوص (٣) باعتبار قيد المجاوزة عن المحلّ.
نعم ، لو كان الحكم بوجود الشيء المشكوك من غير أن يكون مقيّدا بهذا القيد كان الحكم بوجوده مطلقا على إطلاقه في محلّه ؛ لعدم ما ينافي ذلك بعد وجود ما يقضي (٤) به ، وأمّا بعد التقييد (٥) فلا ، فالوضوء إنّما هو شيء قد شكّ فيه ، ولكن باعتبار أنّه معنون بعنوان الوجوب (٦) الغيري لصلاة الظهر قد جاوز محلّه ؛ لأنّ محلّ الشرط (٧) هو مقارنته مع المشروط والمفروض انقضاء المشروط ، ولكن باعتبار أنّه مقدّمة للعصر ممّا لم يتجاوز محلّه ، نعم لو بنينا على المحلّ العرفي ففيما لو شكّ قبل الشروع في الصلاة مطلقا في الوضوء ، فيحكم بوجوده ويصحّ معه الدخول في الصلاتين ؛ لإحراز القيد الأخير في المشكوك المحكوم بالوجود شرعا.
لا يقال : إنّ الوضوء الواحد حقيقة يكفي عن جملة من الصلوات ، وبعد ما فرضنا من أنّ صلاة الظهر إنّما وقعت على طهارة ووضوء فلا بدّ من الحكم بجواز الدخول في العصر أيضا ، وإلاّ فيلزم أن لا يكون الظهر واقعا على طهارة وقد قال الشارع : « لا صلاة إلاّ بطهور » (٨) وبالجملة : فالطهارة أمر مقدّمي ويكفي في وجود المقدّمة وترتيب ذويها (٩) عليها ترتيب واحد منها والمفروض تحقّقه بالنسبة إلى صلاة الظهر التي هي
__________________
(١) « ج ، م » : هذه.
(٢) تقدّم في ص ٤٤٦.
(٣) « ز ، ك » : مخصّص.
(٤) « ج » : يقتضي ، « ز » : يفضي.
(٥) « ز » : التقيّد.
(٦) « ج » : وجوب.
(٧) « ج » : الشروط.
(٨) وسائل الشيعة ١ : ٣١٥ ، باب ٩ من أبواب أحكام الخلوة ، ح ١ ، و ٣٦٥ ـ ٣٦٦ ، باب ١ من أبواب الوضوء ، ح ١ ، و ٣٦٩ ، باب ٢ من أبواب الوضوء ، ح ٣ ، و ٣٧٢ ، باب ٤ من أبواب الوضوء ، ح ١ ، وج ٢ : ٢٠٣ ، باب ١٤ من أبواب الجنابة ، ح ٢. وتقدّم في ص ١٦٥.
(٩) « ز ، ك » : ذيها.