كما في الاستصحاب أيضا كذلك ، ولا يخفى أيضا أنّ بعد ما بنينا على صرف الكلام عن ظاهره بارتكاب تقدير (١) فيه من قبيل الدلالة الاقتضائية ، فذلك ليس أمرا منضبطا كأن يكون على طور واحد وطرز فارد لا يمكن التخلّص عنه ، بل إنّما هو على حسب ما يظهر للمنزّل من مصالح التنزيل ومفاسده ، فربّما يحكم بوجود شيء مشكوك تنزيلا له منزلة الموجود على وجه الإطلاق لمصلحة دعته إلى التنزيل المذكور على الوجه المذكور ، وربّما يحكم بوجود شيء لا على وجه الإطلاق ، بل يحكم بوجوده معنونا بعنوان خاصّ ، فعلى الأوّل يجوز ترتيب آثار ذلك الشيء عليه حال الشكّ على وجه الإطلاق ، وعلى الثاني لا بدّ من الاقتصار على الأحكام الشرعية المترتّبة على ذلك العنوان فقط.
ومن (٢) ذلك يجيء التفكيك بين اللوازم والملزومات العقلية ، بل الشرعية أيضا ، كما فيما لو أقرّ واحد بأبوّته لزيد وأنكرها زيد ، فإنّه يحكم بلوازم الأبوّة للمقرّ ولا يجب أن يقيم زيد بلوازم البنوّة ، فيعطى ميراث الأب ولا يؤخذ من (٣) ورثته (٤) ميراثه ، وأمثال هذه التفكيكات (٥) في الشريعة غير عزيز ، وإنّما المائز بين القسمين الرجوع إلى عنوان الدليل ، فإن استفدنا منه الحكم بوجود الشيء مطلقا كما في الاستصحاب فما يترتّب عليه هي (٦) الأحكام الشرعية المترتّبة على ذلك بجميع عناوينه ، وإن استفدنا منه حكمه (٧) بوجوده بعنوان خاصّ فلا يجوز التعدّي إلى حكم ذلك الشيء بغير العنوان الذي باعتباره حكم بوجوده ، بل لا بدّ من الاقتصار عليه ؛ لعدم ما يقضي (٨) بذلك من دليل عقلي أو نقلي ، والأصل يقضي (٩) بعدمه.
__________________
(١) « ز ، ك » : تقييد.
(٢) المثبت من « م » وفي النسخ : فمن.
(٣) « ج » : « قسم » بدل : « من ».
(٤) « ج ، م » : ورثه.
(٥) « ج ، م » : أمثال التكليفات.
(٦) « ج ، م » : هو.
(٧) « ز ، ك » : حكمه منه.
(٨) « ج » : يقتضي ، « ز ، ك » : يفضي.
(٩) « ج » : يقتضي.