الأمور وإن كان يغاير المطلوب في استصحاب الوجود إلاّ أنّه يلازمه ؛ لأنّ نفي الضدّ أو الأضداد يلازم وجود الآخر ، وأمّا بطلان اللازم فأظهر من أن يظهر وأوضح من أن يوضح ؛ لعود النزاع بين الأقوال التى حافظوا على ضبطها وتحريرها وتنقيحها عبثا ولغوا.
وقد يجاب عنه بأنّ استصحاب تلك الأعدام التي هي أضداد لتلك الأمور الوجودية لا يجدي في ترتيب أحكام الأمور الوجودية عليها ، غاية الأمر أنّ ما يترتّب على نفس تلك الأعدام يمكن إثباته (١) بالاستصحاب دون غيرها ؛ لأنّها على تقدير التسرّي إلى أحكام الوجود أصول مثبتة ولا تعويل عليها.
وفيه أوّلا : أنّ أحكام الوجود والعدم قد تتّحد (٢) ، فلا حاجة إلى انسحاب الحالة الوجودية وانجرارها في زمن الشكّ ليترتّب عليها (٣) أحكامها ، وذلك في استصحاب العدالة التي هي ملكة وجودية ، واستصحاب عدم الفسق ، فإنّ صحّة الوصيّة إنّما تترتّب (٤) على عدم الفسق كما تترتّب (٥) على العدالة أيضا ، نعم فيما لو اختلف لا يمكن الاتّكال والتعويل في ثبوت العنوان الوجودى باستصحاب العدم ، فلا يترتّب عليه ، كما أنّه لا يجوز الائتمام لمن استصحبنا عدم فسقه مثلا ، وكما أنّ استصحاب عدم الحدث (٦) ممّا يترتّب عليه جواز الدخول في الصلاة أو غيرها ممّا تكون (٧) الطهارة شرطا فيه على ما يستفاد من عنوان بعض الأخبار ، وكما في استصحاب عدم وجوب القطع للمتيمّم الواجد للماء في الأثناء ، فإنّ ذلك يكفي في الطهارة ولا حاجة إلى استصحابها.
وثانيا : أنّ الأصول المثبتة ممّا لا تعويل عليها على تقدير الأخبار ، وأمّا على تقدير
__________________
(١) « ز ، ك ، ل » : إتيانه.
(٢) « ج ، م » : يتّحد.
(٣) « ج » : عليه.
(٤) المثبت من « ل » وفي سائر النسخ : « يترتّب ».
(٥) « ز ، ج ، م » : يترتّب.
(٦) « ز » : الحادث ، « ل » : الحادثات.
(٧) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : « يكون ».