فدخولها في النزاع ممّا لا يدانيه ريب ، بل يظهر من صاحب المدارك والمحقّق الخوانساري (١) صراحة عدم اعتبار مثل هذه الأصول فكيف يمكن دعوى الإجماع عليه ، وإن كان يمكن دعوى اتّحاد المناط بعد خروج الأصول العدمية اللفظية ، إلاّ أنّ الكلام مع مدّعي الإجماع.
فإن قلت : فهل يمكن إنكار انعقاد الإجماع على اعتبار الأصول العدمية؟ ولعلّ المنكر ممّن لا يقطع بشيء في زمان أبدا ، فإنّه يشبه أن يكون إنكارا للأمر الضروري.
قلت : فهل يمكن دعوى الإجماع من الكلّ على ذلك بعد ما عرفت من وجوه (٢) الاختلاف (٣) وضروب الاعتساف في كلماتهم؟ نعم يصحّ دعوى انعقاد الإجماع العملي على هذه الأصول فإنّه بمكان من التسليم ، ولا ينافي ذلك دعوى بعضهم بحسب اجتهاده الإجماع على خروجها.
وقد يعترض على دعوى الإجماع بأنّ مفروغية الاستصحاب العدمية تلازم (٤) المفروغية في جميع أقسام الاستصحاب ، واللازم باطل ، وكذا الملزوم ، أمّا (٥) الملازمة فلعدم انفكاك الاستصحاب الوجودي عن استصحاب عدمي في أيّ مورد فرض ، فإنّ لكلّ أمر وجودي ضدّا أو أضدادا (٦) ، ولا أقلّ من استصحاب عدم الضدّ أو الأضداد ، مثلا الطهارة يضادّها الحدث ، والزوجية يباينها المزيل لها ، والملكية يناقضها (٧) النقل والانتقال ، فعند استصحاب الطهارة يستصحب عدم عروض الحدث ، وفي استصحاب الزوجية عدم المزيل للعلقة ، وفي الملكية عدم النقل والانتقال ، وفي استصحاب وجوب ردّ الوديعة عدم ثبوت ما عدا ذلك بالشرع ، إلى غير ذلك من الموارد ، فإنّ عدم تلك
__________________
(١) انظر مدارك الأحكام ٢ : ٣٨٧ و ٣ : ١٥٨ وذهب إليه أيضا المحقّق السبزواري في ذخيرة المعاد ٢ : ٢٢٧ ، ٢٣٢ ؛ كفاية الأحكام : ٢٥٢. وسيأتي عنهم في ص ٢٣٠.
(٢) « ل » : وجود.
(٣) « ز ، ك » : الخلاف.
(٤) « ج ، م » : يلازم ، وفي « ل » : ملازم.
(٥) « ز ، ك ، ل » : وأمّا.
(٦) « م » : ضدّ أو أضداد.
(٧) « ك » : يباينها.