الشرعية عبادة كانت أو معاملة ، ولا ينبغي الارتياب في لزوم حمل فعله على الصحيح ولا سيّما إذا لم يكن ممّن لا يبالي بالأحكام الشرعية ، وأمّا إذا كان منهم كما يرى في بعض الظلمة والفسقة من علمهم بوجوه الصحّة وضروب الفساد فالظاهر نهوض الأدلّة السابقة من السيرة وغيرها على الحمل وذلك ظاهر.
وأخرى : لا نعلم أنّه عالم أو جاهل ، سواء كان ممّن يبالي بالأحكام الشرعية أو لم يكن ، أو لم نعلم بأنّه من أيّ القسمين ، والظاهر أنّ هذه الصورة أيضا بصورها (١) ممّا لا إشكال فيها ، فيجب الحمل على الصحيح للأدلّة السابقة.
ومرّة : نعلم بأنّه جاهل بالأحكام الشرعية ، كما إذا اختلف المتعاقدان في وقوع العقد في الإحرام أو في الإحلال مع العلم بجهلهما بالحكم الشرعي من عدم الصحّة في الإحرام ، فهل يحكم بوقوعه صحيحا ، أو لا؟ وجهان : يظهر من سيّد المدارك (٢) الثاني (٣) ، والظاهر هو الأوّل ؛ لقيام السيرة على الحمل ، ولعلّها ليس بمحلّ لا يقبل إنكارها (٤) ، فتدبّر.
وتارة : يعلم بوقوع الفعل من المسلم على وجه الفساد الظاهري ، كما إذا باع أحد أطراف الشبهة المحصورة ، فهل يجب الحمل على الصحيح بالقول بأنّ الواقع هو كون المبيع هو الفرد الجائز نقله وانتقاله ـ مثلا ـ من باب البخت والاتّفاق ، أو لا؟ الظاهر هو الثاني ، لعدم ما يدلّ على ذلك في خصوص الفرض وهو ظاهر لا سترة عليه.
ومنها : هل يجري أصالة الصحّة في كلّ ما يتعلّق بالعقد شرطا كان أو جزء ، ركنا كان أو غيره ، أو يختصّ بغير الأركان؟ وجهان : يستفاد من ثاني المحقّقين (٥) الثاني ، فلا محلّ عنده لأصالة الصحّة ما لم يكن أركان العقد محرزا. نعم لو شكّ في الصحّة وعدمها
__________________
(١) « ز ، ك » : تصورها.
(٢) مدارك الأحكام ٧ : ٣١٥.
(٣) « ز ، ك » : ـ الثاني.
(٤) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : إنكاره.
(٥) جامع المقاصد ٧ : ٣١١.