وأمّا الجهة التي لا تناط (١) بالجهة المشكوكة فلا سبيل إلى إحرازها بالأصل المذكور ، مثلا لو شكّ في صحّة الإيجاب في العقد فحمله على الصحيح لا ينافي عدم تعقّبه (٢) بالقبول ؛ لأنّ صحّة الإيجاب لا يناط بتعقّبه بالقبول.
نعم ، صحّة الإيجاب بمعنى وقوعه مؤثّرا في حصول مضمونه منوط بتعقّبه للقبول وهذه ممّا لم يقم عليها دليل ، ومن هنا ينقدح فساد ما قد توهّمه بعض الأواخر انتصارا للمشهور فيما إذا اختلف الراهن والمرتهن في وقوع البيع على العين المرهونة فيما إذا أذن المرتهن بذلك قبل الإذن وبعده ، فزعم أنّ الوجه في تقديم قول المرتهن هو أصالة صحّة البيع فإنّ صحة البيع معناها وقوعه على وجه يترتّب عليه آثاره الشرعية ، و (٣) أمّا وقوعه قبل الإذن أو بعد الإذن فمن الأمور العقلية التي لا مدخل للصحّة فيها (٤) ، ونظير ما لو تمسّك بأصالة الصحّة في الإذن فإنّ (٥) حمل الإذن على الصحيح لا يقضي (٦) بوقوع البيع بعد الإذن كما هو المطلوب ، ومن هنا نقول بتقديم قول منكر الإجارة والقبض في الفضولي والصرف والهبة مع جريان أصالة الصحّة في البيع والهبة كما لا يخفى.
ومنها : قد يظهر من بعض من لا دربة (٧) له إنكار جريان أصالة حمل الفعل على الصحيح فيما إذا كان الفاعل هو الغير ، وهو على إطلاقه من أسخف الاحتمالات ؛ لظهور أنّ مدارك الأصل إنّما هي تجري (٨) في فعل الغير فقط ، ولذلك أفردناه (٩) عن الأصل المتقدّم (١٠) في هداية مستقلّة.
__________________
(١) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : لا يناط.
(٢) « ز ، ك » : « نقصه » وكذا كانت أوّلا في نسخة « م » ثمّ غيّرها بما في المتن.
(٣) « ز ، ك » : ـ و.
(٤) في النسخ : فيه.
(٥) « ز ، ك » : ـ فإنّ.
(٦) « م » : لا يقضي.
(٧) « ز ، ج » : درية ، « ك » : دراية.
(٨) في النسخ : يجري.
(٩) « ز ، ك » : أفردنا.
(١٠) « ز ، ك » : المقدّم.