يتوهّم أنّ رواية القاساني (١) : « اليقين لا يدخله الشكّ » بعد (٢) قوله : « صم للرؤية وأفطر للرؤية » أيضا من الموارد المذكورة ، ولعلّها ممّا لا يساعدها الخصم ؛ لاحتمال القول بأنّ المستصحب فيها هو الحكم فيها (٣).
نعم ، بناء على ما حقّقنا من أنّ استصحاب الحكم لا يعقل بدون استصحاب الموضوع يتمّ ذلك بالنسبة إلى الأخذ باستصحاب الموضوع المزيل ، فلا يجري (٤) ذلك في مقام التعارض ؛ لأنّ استصحاب جواز الصوم ووجوبه في الشهرين غير معارض لاستصحاب الموضوع ، بل على ما زعمه غيرنا معاضد له ، ولا يمكن دفعه بالتفصيل السابق ؛ لأنّه وإن كان جاريا بالنسبة إلى الرواية الأولى ، لأنّ الشكّ في الاشتغال لم يكن موجودا حين تحقّق مجرى استصحاب الطهارة ، إلاّ أنّ الثانية إنّما هو سؤال عن صحّة الصلاة بعد الشكّ في الطهارة فمجرى الاستصحابين موجود فيها ، ومع ذلك فقد حكم الإمام باستصحاب الطهارة معلّلا بالعلّة المذكورة.
الثاني : أنّ قضيّة عموم أخبار الباب وإعمال أصالة الحقيقة فيها هو تقديم (٥) المزيل على المزال ؛ إذ على تقدير الأخذ بالمزيل لا يلزم تخصيص في قوله : « لا تنقض اليقين بالشكّ » القائل بعدم جواز نقض كلّ يقين بالشكّ ، وعلى تقدير الأخذ بالمزال ولو في مورد التعارض لا بدّ من تخصيص العامّ الحاكم بعدم (٦) جواز نقض اليقين بالشكّ ، فيتوقّف على وجود دليل التخصيص و (٧) إذ ليس فليس.
وتوضيح ذلك : أنّ الظاهر من الأخبار بعد تسليم دلالتها على الاستصحاب هو وجوب البناء على المتيقّن بالأخذ بأحكامه وترتيب آثاره الشرعية عليه ، فلو شكّ في
__________________
(١) تقدّم في ص ١٠١.
(٢) كذا. والصواب : « قبل ».
(٣) « ج ، م » : فيهما.
(٤) « ج ، م » : ولا يجدي.
(٥) « م » : تقدّم.
(٦) « ج ، م » : لعدم.
(٧) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : ـ و.