فإن قلت : لا شكّ أنّ الشكّ واليقين في طرف الأصل المزال من أفراد الشكّ واليقين حقيقة على ما يشهد به الوجدان الصحيح ، وغاية ما ذكر من الوجه إنّما هو أنّ الأخذ بالشكّ واليقين في طرف المزيل يوجب خروج الشكّ الموجود في طرف المزال عن كونه شكّا ؛ لتنزيله شرعا بمنزلة اليقين ، بخلاف الأخذ بالشكّ واليقين في طرف المزال ؛ لأنّه لا يوجب خروج المأخوذ في المزيل عن كونه شكّا فيلزم التخصيص ، وذلك باطل ؛ إذ لا فرق بين أن يكون دخول أحد الفردين في العامّ موجبا لخروج الآخر حكما كما إذا كان العامّ شاملا للشكّ المعتبر في المزيل ، أو يكون دخول أحدهما موجبا لخروج الآخر موضوعا كما إذا كان العامّ شاملا للشكّ المأخوذ في المزال ، والوجه في ذلك أنّ الخروج الموضوعي في العامّ لا يلاحظ إلاّ بعد وجوب العمل بالفرد الذي يوجب دخوله خروج الآخر موضوعا ، وشمول العامّ لأفراده في إرادة اللافظ سابق على وجوب الأخذ بالفرد الذي يوجب خروج الآخر موضوعا ؛ لأنّ نسبة العامّ إلى أفراده متساوية ، ففي مقام الإرادة لا سبق فيها ولا لحوق ، فكيف يتأتّى القول بأنّ الأخذ بالمزيل يوجب التخصيص دون الأخذ بالمزال؟ فإنّه لا فرق بينهما في كونهما موجبين للتخصيص في مقام إرادة الأفراد من العامّ.
نعم ، هو كذلك في مقام العمل كما عرفت ، والتخصيص إنّما يلاحظ بالنسبة إلى إرادة (١) الفرد المخصّص وعدمه من العامّ وعدمها لا بالنسبة إلى وجوب العمل وذلك ظاهر ، وإذ قد ثبت أنّ العامّ متساوية النسبة بالنسبة إلى الفردين فيصير مجملا فيهما ، فلا بدّ من الحكم بالتساقط.
قلت : الذي يقتضيه التحقيق هو القول بتقدّم (٢) المزيل على المزال لا التساقط ؛ لأنّ الشكّ المأخوذ في المزيل ليس من أفراد العامّ في إرادة اللافظ والمولى ؛ إذ لا إشكال في
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ إرادة.
(٢) « ج ، ك » : بتقديم.