يكون من الضروريات التي لا يخفى على أوائل العقول من الأطفال والمخدّرات في الحجال ، وما يتراءى منهم الحكم بوجوب الفحص في الموضوع كما عن الشيخ (١) من حرمة الأكل في ليلة رمضان إذا اعتمد الأكل على استصحاب بقاء الليل في أكله من غير فحص ، فهو على خلاف القاعدة ، فالمفتي بها مطالب بالدليل وإن أقام عليها برهان ، وإلاّ فلا نعرف لها وجها ، وقد نبّهنا على مثل ذلك في البراءة حيث أفتوا بوجوب الفحص فيما إذا شكّ في حصول الاستطاعة في الحجّ (٢).
وكيف كان ، فهذه قاعدة محكّمة لا يكاد يمكن الخروج عنها إلاّ بدليل متين وسلطان مبين (٣) ، والأصل في ذلك بعد الإجماع المذكور إطلاقات أخبار الباب من عدم جواز نقض اليقين إلاّ (٤) باليقين ، خرج ما خرج من التقييد بالفحص في موارد الأصول المعمولة في الأحكام [ و ] بقي الباقي تحت العامّ ، والمدّعي للتقييد لا بدّ له من إقامة ما يفيد ذلك ؛ وإذ (٥) ليس فليس ، وقد مرّ في الهداية الحاوية للبداية والنهاية عند ذكر الأخبار ما هو صريح في عدم اعتبار الفحص فراجعها (٦) ، ولا فرق في ذلك بين الأصول والأدلّة المعمولة في الموضوعات الخارجية من البيّنة والسوق وأصالة الصحّة واليد ونحوها ، والوجه في الكلّ ما عرفت من الإطلاقات والعمومات المثبتة لاعتبار هذه الأصول إلاّ أنّه لا بدّ أن يعلم أنّ عدم الفحص فيها مقصور على ما إذا شكّ في وجود دليل به ينتقض الحالة السابقة ، وأمّا إذا شكّ في وجود المعارض الوارد عليه كاحتمال أصل مزيل للأصل المعمول في الموضوع فلا وجه للاتّكال على الأصل بدون الفحص ، فإنّ ما يدلّ على وجوب الفحص في الأحكام يدلّ على وجوبه في المقام أيضا ، ولا فرق في ذلك بين المجتهد والمقلّد فإنّ لكلّ واحد منهما يجوز العمل بالأصل قبل الفحص
__________________
(١) النهاية : ١٥٥.
(٢) نبّه عليه في ج ٣ ، ص ٥٩٠.
(٣) « ز ، ك » : بدليل مبين.
(٤) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : ـ إلاّ.
(٥) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : ـ و.
(٦) مرّ في ص ٩٨.