بالنسبة إلى ما ينتقض به الحالة السابقة ، ولا يجوز العمل به قبل الفحص بالنسبة إلى المعارض.
ومن هنا قد يشكل الأمر في عمل المقلّد العامّي الذي لا يعرف مورد الأخذ بالاستصحاب فيه به ، فإنّ المجتهد لا بدّ له من أن يعرّفه بموارده ولا يفتي له بالأخذ بالحالة السابقة مطلقا ، فعليه أن يسأل خصوصيات الموارد من المجتهد ، وعليه أن يفتي له بخصوصيات الموارد ، فالمجتهد يعيّن مورد المزيل والمزال ويفتي بمقتضاه ، ولا يمكن دفع احتمال المعارض بالأصل بتقريب أنّ المقتضي للعمل بالأصل في مورد تحقّقه موجود ، والشكّ إنّما هو في وجود ما يمنعنا عن العمل به من المعارض ، والمانع مدفوع بالأصل ، وبعد وجود المقتضي فلا بدّ من الأخذ به ؛ لأنّ عدم المعارض كما عرفت فيما سبق (١) مفصّلا بمنزلة جزء المقتضي للاستصحاب ، فبدونه لا مجرى له (٢) كما مرّ ، فالواجب على المجتهد والمقلّد في العمل بالأصل هو ما قلنا من تعريفه له خصوصيات الموارد لئلاّ يقع العامل به في المهالك ، فتدبّر.
لا يقال : إنّ البيّنة المعمولة في الشبهات الموضوعية أيضا يمكن تعارضها (٣) ببيّنة (٤) أخرى ، ومع ذلك لا يجب الفحص عنها.
لأنّا نقول : الفرق واضح ؛ لأنّ المعارض في البيّنة لا يلزم أن يكون موجودة (٥) مع البيّنة الأخرى والاستصحاب في المقام موجود دائما كما لا يخفى ، وأمّا وجوب الفحص في الأحكام أو ما ينتهي إليها كالموضوعات المستنبطة ونحوها فدليله واضح ؛ إذ هو بعد الإجماع عليه يوجب عدمه رفع الأحكام الواقعية والمخالفة القطعية على وجه ربّما يعدّ من الخروج من الدين ، وينهض بذلك جميع أدلّة وجوب التفقّه كقوله : ( فَسْئَلُوا
__________________
(١) سبق في ص ٣٩٩.
(٢) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : ـ له.
(٣) « م » : تعارضهما.
(٤) « ج ، م » : بيّنة.
(٥) كذا في النسخ ولعلّ الصواب « موجودا ».