أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(١) وقوله : « هلاّ سألوا ، هلاّ يمّموه ، قاتلهم الله » (٢) إلى (٣) غير ذلك من الوجوه التي قدّمنا (٤) ذكرها في مباحث البراءة ، ويؤيّده الأدلّة (٥) الآمرة بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مضافا إلى أنّ العمل بالأصل قبل الفحص في الأحكام غير معقول ؛ للعلم الإجمالي بانتقاض جملة كثيرة من موارد هذه الأصول ، ومع ذلك فلا مجرى للأصل.
فإن قلت : إنّ بعد تسليم العلم الإجمالي في مورد الأصل لا معنى للقول به أصلا ؛ لأنّ غاية ما يتصوّر هو القول بوجوب الفحص وهو لا يجدي في دفع الاحتمال (٦) ، لأنّ المعلوم الإجمالي بين أطراف الشبهة بعد الفحص أيضا لا يكون محرزا ، إذ به لا يعلم إلاّ ما هو موجود من الأدلّة في هذه الطرق المعمولة عندهم ، وأمّا الموارد الأخر المنقوضة التي لا سبيل إلى العلم بها بهذه الطرق فهي باقية على اشتباهها في موارد الأصل ، ومع ذلك فكيف يصحّ الاستناد إلى الأصل؟
قلت : هذه شبهة ربّما تورد على القول بوجوب الفحص في العمومات لأجل العلم بالتخصيص فيها ، وقد دفعناها في مقامه بالمنع من العلم بوجود المخصّص زائدا على ما يستبان من الأدلّة ، فإحراز عدم التخصيص في هذه الأدلّة المعمولة يوجب الاعتماد على العموم ، وبمثله نقول في المقام فإنّ موارد انتقاض الأصل في غير ما يستفاد من هذه الأدلّة الاجتهادية في محلّ من المنع ، وغاية ما يبقى في المقام بعد ارتفاع العلم بإحراز المعلوم بالإجمال في المشتبهات هو احتمال وجود الناقض ، وقضيّته لا تزيد (٧)
__________________
(١) النحل : ٤٣ ؛ الأنبياء : ٧.
(٢) وسائل الشيعة ٣ : ٣٤٦ ، باب ٥ من أبواب التيمّم ، ح ١ ـ ٣ و ٦.
(٣) « ز ، ك » : « و » بدل : « إلى ».
(٤) تقدّم في ج ٣ ، ص ٥٨٤.
(٥) « ز ، ك » : الآية.
(٦) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : ـ الاحتمال.
(٧) « ز ، ك » : لا يزيد.