الاجتهادية والأصول العملية بواسطة استناد (١) الدلالة فيه إلى اللفظ والعقل معا ، فالعرف قاض بتقديم (٢) المقيّد ووروده على المطلق ، ومنه يستظهر اتّحاد التكليف فلا حاجة إلى اشتراط العلم بالاتّحاد في الحمل كما قدّمناه في مباحثه ، ومثل ما ذكر (٣) في لزوم الحمل والتقديم (٤) كلّ ما كان أحد الأمارتين أظهر في العرف من الآخر على وجه يكفي في الحمل ملاحظة نفسهما من غير حاجة إلى استشهاد من الخارج كما إذا ورد في قولهم عليهمالسلام : « يجب غسل الجمعة » وقولهم (٥) : « لا ينبغي تركه » وقلنا بأنّ دلالة « يجب » على الوجوب أظهر من دلالة « لا ينبغي » على الاستحباب ، فإنّه لا إشكال في أنّ الظاهر يحمل على الأظهر ويحكم بأنّ المراد من « لا ينبغي » هو الوجوب كما يستفاد ذلك من القرائن اللفظية الصارفة ، فإنّ حمل « يرمي » على شيء لا ينافي الحيوان المفترس أيضا معقول إلاّ أنّه لمكان الأظهرية لا بدّ من ارتكاب التأويل في « الأسد » دون قولك : « يرمي ».
وبالجملة : فالمعيار في هذا القسم هو صلوح حمل أحد المتعارضين على الآخر بقرينة موجودة في نفسهما (٦) ، بل والتحقيق (٧) أنّ هذا القسم خارج عن الأخبار العلاجية ولا شكّ في وجوب الجمع ، ولم نعلم في ذلك مخالفا ؛ إذ لم نجد من أوّل الفقه إلى آخره من حكم بالتخيير بين العامّ والخاصّ بعد اعتقاد وجود الموضوع كما هو ظاهر (٨) ، ومن
__________________
(١) « ج » : إسناد.
(٢) « د » : بتقدّم.
(٣) « ج » : ذكرنا.
(٤) « د » : التقدّم.
(٥) « س » : + عليهمالسلام.
(٦) « د » : نفسها.
(٧) « د » : ويتحقّق.
(٨) قال في مصباح الأصول ٣ : ٣٥٣ : وظهر بما ذكرنا أنّ ما ذكره صاحب الحدائق واحتمله صاحب الكفاية أخيرا من أنّه يعامل مع العامّ والخاصّ معاملة المتعارضين من الرجوع إلى المرجّحات ، وإلى التخيير مع فقدها ، ليس في محلّه ؛ إذ مع وجود الخاصّ يرتفع موضوع حجّية العامّ ، وبعد عدم كون العامّ حجّة لا معنى للتعارض بينه وبين الخاصّ ؛ لأنّ التعارض هو تنافي الحجّتين من حيث المدلول.