المعلوم أيضا أنّ (١) الأخذ بالمرجّحات السندية كالموافقة للكتاب أو مخالفة العامّة ونحوهما ممّا (٢) لا وجه في مثل المقام ، وقد يظهر من بعضهم تقديم المطلق على المقيّد نظرا إلى كونه مخالفا لما عليه العامّة ، فإن تخيّل أنّه من الموارد التي يحكم بتقديم الظاهر على الأظهر لخصوصية خارجية كما في تقديم العامّ على الخاصّ فهو ، وإلاّ فهو سهو ظاهر كما لا يخفى ، ولا فرق فيما ذكرنا من لزوم الحمل بين القول بحجّية أصالة الحقيقة تعبّدا وبين القول بها من باب إطباق العقلاء (٣) على العمل بها ؛ لأنّ بناءهم على العمل بالخاصّ أيضا ؛ إذ الحكم بالأخذ بظاهر العامّ عندهم أيضا معلّق على عدم ورود الخاصّ والقرينة أو البيان ، ولا إشكال في ذلك أبدا.
نعم ، قد استشكل بعضهم في المقام بأنّه (٤) كيف يعقل حمل العامّ على الخاصّ مع اختلاف المتكلّم بهما؟ فإنّ كلام أحد لا يصحّ أن يجعل قرينة على كلام غيره.
وهو في غاية السخافة ؛ لأنّ ذلك مسلّم في غير أمناء الشرع ، وأمّا في كلمات الأئمّة والمعصومين عليهمالسلام فالحقّ هو ذلك فإنّهم عليهمالسلام بمنزلة متكلّم واحد ، ولكنّ الكلام في كيفية ذلك ؛ إذ لا يخلو إمّا أن يكون الخاصّ الوارد في كلام الصادق عليهالسلام قرينة للعامّ الوارد في الكتاب أو كلام النبي (٥) ، أو كاشفا عن القرينة ، وعلى التقديرين لا وجه له ، أمّا على الأوّل فلاستلزامه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، فإنّ قبل زمان الصادق (٦) كان الواقعة محتاجا إليها أيضا ، وأمّا على الثاني فلأنّ المعلوم عندنا أنّ عمل السابقين لم يكن على وجه الخصوصية حتّى يصحّ القول بأنّ الخاصّ كاشف عن القرينة المقترنة للعامّ ، وذلك ظاهر في الغاية عند ملاحظة أحوال السلف وأحكام الشريعة.
__________________
(١) « د » : ـ « أنّ » ، وسقط من قوله : « ومن المعلوم » إلى « كما لا يخفى » من نسخة « ج ».
(٢) « س » : ـ ممّا.
(٣) « م » : العلماء.
(٤) « د ، س » : بأن.
(٥) « س » : + صلىاللهعليهوآله.
(٦) « س » : + عليهالسلام.