يهتمّون في صرف السند ، وذلك ظاهر لمن لاحظ الأوامر العرفية ، ولعلّ السرّ في ذلك هو أنّ صرف الظاهرين عن ظاهرهما يتوقّف على وجود قرينة صارفة لهما ، فعند انتفائها لا يعقل الحكم بصرف الظاهر عن ظاهره ؛ لانتفاء ما يقضي بذلك ، ولا يصلح لذلك في المقام شيء عدا ما قد يتوهّم من أنّ الأخذ بدليل السند والحكم بصدوره قاض برفع الظهور وارتكاب التأويل في الظاهر ، وهو ليس بسديد ؛ لأنّ مجرّد الحكم بالصدور لا يقضي بكون الصادر قرينة صارفة لشيء آخر ، إذ كون الشيء قرينة من الأمور التي مرجعها إلى أظهرية مفادها عن مفاد ما فرض كونها قرينة له والمفروض أنّ الحكم بالصدور ليس كذلك.
وتوضيح المقام : أنّ مفاد أدلّة التصديق بالخبر هو الحكم بصدوره (١) عن الإمام ومطابقة الحكاية للمحكيّ عنها (٢) وواقعية هذه الحكاية ، وأمّا وجوب الأخذ بظاهره ـ سواء كان ظهوره مستندا إلى نفس اللفظ أو إلى قرينة صارفة ـ فلا دلالة في أدلّة تصديق (٣) الخبر عليها بوجه ، بل الوجه في ذلك هو الأخذ بالطرق العرفية في تشخيص المرادات في الألفاظ من إعمال أصالة الحقيقة والأخذ بمفاد القرينة الصارفة في الاستعمالات المجازية لمكان أظهرية القرينة من ظهور الوضع بالنسبة إلى الحقيقة ، فالصرف إنّما هو من لوازم نفس الظهور ، فلو لم نقل أنّ الأخذ بظهور الدليلين قرينة على طرح أحد الصدورين فلا مجال للقول بالعكس ؛ لانتفاء ما يقضي (٤) بذلك ، وأمّا ما (٥) قد عرفت في المرتبة الأولى من الحكم بتقديم ظهور الخاصّ على العامّ لدوران الأمر بين طرح السند في الخاصّ والدلالة في العامّ ، فلا ينافي ما في المقام ؛ للفرق الظاهر بين المقامين من صلاحية الخاصّ للصرف دون المقام لعدم الارتباط بينهما.
__________________
(١) « ج » : بصدورها.
(٢) كذا. والأولى : عنه.
(٣) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : التصديق.
(٤) « ج ، د » : يقتضي.
(٥) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : ـ ما.