الحقيقة في دليل الحجّية متعارضة ، فإنّ إعمال الأصل في دليل الحجّية بالنسبة إلى الخاصّ يوجب تخصيصه (١) بالنسبة إلى العامّ في مورد التخصيص ، وإعمال الأصل فيه بالنسبة إلى مورد التخصيص في العامّ يوجب تخصيصه بالنسبة إلى الخاصّ ، ولا مرجّح لأحدهما على الآخر.
قلت : نعم ولكن إعمال الأصل بالنسبة إلى الخاصّ أولى ؛ لأنّ بعد ما فرض من شمول العامّ الدالّ على الحجّية للخاصّ لا يبقى لأصالة الحقيقة فيه بالنسبة إلى مورد التخصيص محلّ فكأنّه خارج عن الإرادة في أوّل الأمر ، بخلاف ما إذا أخذنا (٢) بالأصل في دليل الحجّية بالنسبة إلى مورد التخصيص فيلزم تخصيصه بالنسبة إلى الخاصّ من غير مخصّص يقضي (٣) بذلك ؛ لأنّ شموله لمورد (٤) التخصيص لا ينهض قرينة على خروج الخاصّ مثل ما عرفت في استصحابي (٥) المزيل والمزال ، ومرجع ذلك كلّه إلى نفس الظهور كما لا يخفى.
هذا إذا كان ما يصلح للصرف معيّنا في أحد المتعارضين ، وأمّا إذا كان ذلك موجودا فيهما كما في العامّين من وجه وما في حكمه فيقضي كلّ واحد منهما بالصرف ، ومع عدم المرجّح لا مجال لإنكار الإجمال ، وما ذكرنا كما يكفي في رفع توهّم الأخذ بأحدهما تعيينا (٦) في مقام التعارض كذلك يكفي في رفع توهّم التخيير بينهما أيضا ؛ لأنّ مورد التخيير فيما إذا كان الدلالة مفروغا عنها كأن كانت غير محتملة التأويل بحسب الأوضاع والقرائن العرفية واللغوية ، وأمّا عند احتمال التأويل لوجود ما يصلح للصرف فليس من مورد التخيير بوجه.
وتحقيق ذلك : أنّ لكلّ واحد من العامّين من وجه سندا ودلالة ، والدليل قد دلّ على لزوم الأخذ بالسند فيهما وفي دلالتهما ، فالأمر دائر بين طرح دليل السند فعلا
__________________
(١) « ج » : الحقيقة.
(٢) « د » : أخذ. « ج ، س » : أخذها.
(٣) « ج ، م » : تقضي.
(٤) « ج » : كمورد.
(٥) « س » : استصحاب.
(٦) « ج ، د » : تعيّنا.