المجازية.
وممّا ذكرنا يظهر لك ضعف ما أفاده بعض المحقّقين في تعليقاته على المعالم حيث زعم اختصاص كون المطلق فيما إذا قيل بأنّ اللفظ موضوع للماهيّة التي هي تنقسم إلى أقسامها بخلاف ما إذا قيل بكونه موضوعا للقسم من حيث إنّ المعتبر في القسم هو التجرّد كأن يكون التقييد بكونها لا بشرط معتبرا فيها ، وقد عرفت فساده ؛ إذ ذلك ناش من عدم الفرق بين القسم والمقسم وقد قلنا بأنّ التميّز (١) حاصل بالاعتبار بمعنى أنّ الماهيّة اللابشرط تارة : تلتفت النفس إلى كونها منشأ لانتزاع (٢) هذا الاعتبار منها ، وتارة : لا تلتفت إلاّ إلى نفسها وإن كانت منشأ لانتزاع هذه الصفة حال الالتفات إلى نفسها أيضا ، فلا فرق فيما نحن بصدده بين أن يكون اللفظ موضوعا للقسم أو يكون موضوعا للمقسم.
نعم ، لو قيل بأنّ قيد التجرّد مأخوذ في معنى اللفظ كان التقييد مستلزما لإلغاء قيد التجرّد عن المعنى ليصلح لأن يكون مقيّدا ، فيكون المطلق مجازا من حيث استعماله في جزء المعنى الموضوع له.
ولكنّه فاسد قطعا كما يشعر بذلك كلمات اللغويين ويساعده الاعتبار الصحيح والوجدان الصريح ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون القيد مرادفا للمطلق أو لم يكن مرادفا كأن يكون منفصلا (٣) ؛ إذ مجرّد كون القيد غير متّصل بالمطلق لا يدلّ على أنّ المراد من لفظ المطلق ليس معناه الحقيقي ، فلعلّ القرينة المنفصلة جزء من الدالّ على تمام المراد ، نعم ربّما يمكن ذلك وقد قلنا بإمكانه في المتّصل أيضا كأن يكون المراد من المطلق هو خصوص المقيّد ويكون القيد المذكور قرينة للمجاز.
فظهر بطلان ما زعمه المفصّل أيضا ، فالتحقيق أنّ التقييد لا يوجب مجازا في
__________________
(١) « ج » : التمييز.
(٢) « ج » : للانتزاع ، وكذا في المورد الآتي.
(٣) « س ، د » : مفصّلا.