ما يظنّ كونه بدلا عن الواقع وهو الإتيان بما يستفاد من الطريق الظنّي.
فأصحاب المقالة المشهورة لا يعقل لهم مباحث التراجيح حيث إنّ الظاهر أنّ نتيجة الدليل هو الظنّ الفعلي.
قلت : ذلك على ما هو التحقيق من حكومة العقل باعتبار الظنّ بعد إبطال البراءة والاحتياط والرجوع إلى الأصول المحرّمة (١) ، وأمّا على تقدير الكشف كأن يكون (٢) الانسداد مع بطلان المحتملات كاشفا عن كون الظنّ حجّة كما هو المعتمد عند أصحاب هذه المقالة فيمكن أن يكون الحجّة عندهم نوع الأمارة الظنّية فيتعقّل عندهم مسألة الترجيح (٣) كما لا يخفى. وكيف كان ، فعلى ما هو التحقيق لا يمكن التعارض عند القائلين بالظنون الشخصية ، نعم يتأتّى ذلك في حقّهم بالنسبة إلى الأدلّة التي يعتمدون عليها من جهة أدلّة خاصّة كالصحاح الأعلائية الموثوق بها مثلا.
وأمّا أصحاب المقالة الثانية فقد يظهر من بعض الأجلّة على ما استظهره الأستاد دام مجده وعلاه من تضاعيف كلماته أنّه يكفي في الأخذ بالخبر المقرون بالمرجّح الظنّي عند التعارض ما زعمه من اعتبار الظنّ في الطريق ولا حاجة إلى ملاحظة اعتبار الظنّ في مسألة الترجيح بالانسداد أو بغيره.
وتوجيهه على ذلك المذهب أن يقال : إنّ الحاصل من دليل الانسداد هو إعمال الظنّ في طريق الأحكام والأخذ بما يظنّ (٤) فعلا في كلّ واقعة أنّه هو الطريق ، ولا خفاء في أنّ الطريق الظنّي فعلا في الواقعة التي توارد فيها الطريقان (٥) هو المعاضد (٦) بالوجه الظنّي دون الآخر ، فلا بدّ من الأخذ به وطرح مقابله بحسب نفس دليل حجّية الأخبار وإن لم يكن ذلك المرجّح الظنّي معلوم الاعتبار ، وهو ضعيف جدّا ؛ لأنّ قضيّة العلم
__________________
(١) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : محرّمة.
(٢) « د ، س » : + بعد.
(٣) « م » : التراجيح.
(٤) « د » : الأخذ بالظنّ.
(٥) « س » : الطريق.
(٦) « د » : فهو المعارضة.