ونظير الثاني ما إذا قلنا بأنّا نقطع بأنّ هذه الحركات والسكنات الصادرة منّا طول الليل والنهار تشتمل على أمور واجبة علينا وأمور محرّمة بالنسبة إلينا ، ولمّا انسدّ باب العلم في تشخيص هذه الحركات انفتح طريق الظنّ بها بالاقتناع به في مقام الامتثال.
والمذكور في كلام الزاعم المذكور هو الوجه الأوّل وقد عرفت أنّه غير واف بإثبات المطلوب.
وأمّا الوجه الثاني فمع فساده في أصله غير مذكور في كلماتهم كما يظهر بالتتبّع في مطاويها ، ولعلّ ذلك هو منشأ الخلط ، وقد تفطّن بذلك في نظير المقام حيث لم يعتبر الظنّ بالعدالة مع أنّ الظنّ بها أيضا مثل الظنّ بأنّ المقدّم من المتعارضين هو الموافق للمرجّح الظنّي فراجع كلامه ، بل الحقّ أنّ أرباب هذه المقالة الباطلة كما ليس لهم العمل بالمرجّحات الظنّية كذلك ليس لهم العمل بالمرجّحات المنصوصة ، فإنّ العلاج المهديّ إليه بواسطة الأخبار العلاجية إنّما يعالج به فيما هو الحجّة عند السائل لا فيما هو الحجّة مطلقا.
وتحقيق ذلك : أنّ القائلين بالظنون الخاصّة يعوّلون عليها بواسطة قيام حجّة شرعية كالإجماع على حجّية أمارة خاصّة كأخبار الآحاد ، ولا شكّ أنّ قضيّة ذلك حجّية الخبر في نفس الأمر لجميع المكلّفين ، فما هو حجّة لنا فهو حجّة للسائل في الأخبار العلاجية أيضا وبذلك يصحّ الأخذ بالمرجّحات المنصوصة عند تعارض الظنون الخاصّة بخلاف ما إذا اشتبه الحجّة والطريق في أمور محتملة لذلك فإنّ الظنّ بأنّ الأمارة (١) (٢) الفلانية هي الحجّة التي يجب عليها التعويل يحتمل أن يكون مخالفا للواقع ولو عند الظانّ أيضا ، فما ظنّه حجّة يحتمل أن لا يكون حجّة واقعية والسائل إنّما سأل عمّا هو الحجّة في الواقع ، والوجوه المذكورة في الترجيح بناء على ذلك يختصّ بما هو الحجّة الواقعية ، فليس لهذا القائل إعمال المرجّحات المنصوصة فيما ظنّه طريقا وحجّة ؛
__________________
(١) « س » : الظنّ بالأمارة.
(١) « س » : الظنّ بالأمارة.