إذ لا يعلم بأنّه هو الطريق الذي يجب الأخذ بتلك المرجّحات عند تعارضه بمثله مثلا.
لا يقال : فتلك الأمارة المظنونة وإن لم يعلم بكونها الحجّة الواقعية إلاّ أنّها حجّة قطعية نظرا إلى الدليل القاضي بذلك ، فيصحّ الأخذ بالمرجّحات المنصوصة فيها أيضا.
لأنّا نقول : هذه المرجّحات ليست بمرجّحات لمطلق ما هو الحجّة ، بل لما هو كذلك عند السائل كما لا يخفى ، فإنّ ظهور اختصاص السؤال بما هو المتعارف بينهم من الأخبار ممّا لا يقبل الإنكار ، فتأمّل.
نعم ، يمكن القول باكتفاء الظنّ عند الانسداد بما هو الحجّة الواقعية في ترتيب مثل هذه الآثار أيضا إلاّ أنّه لا يخلو من شيء.
وأمّا على المذهب المختار (١) من أنّ نتيجة البرهان هو وجوب تفريغ الذمّة الحاصل بإتيان ما هو الواقع وبإتيان ما هو بدل منه ، فالتحقيق أنّه لا يتصوّر التعارض أيضا كما عرفت من مذاق المشهور.
أمّا بالنسبة إلى الظنّ (٢) بالواقع فظاهر ؛ لأنّ النتيجة هو الظنّ الشخصي ولا يعقل التعارض بين الظنّين كما في القطعين (٣).
وأمّا بالنسبة إلى الظنّ بما هو مسقط عن الواقع وبدل منه ـ وإن كان يعقل (٤) القول بتعلّق الظنّ بنوع الأمارة فيصير الظنّ المتعلّق بتقديم أحد أفراد ذلك النوع على الآخر خارجا عمّا هو مفاد الدليل كما عرفت على تقدير القول بحجّية الظنّ في خصوص الطريق فقط ، فيحتاج في إثبات حجّية مثل هذا الظنّ إلى دليل آخر غير الدليل الأوّل ـ إلاّ أنّه ليس على ذلك المنوال ، فإنّا (٥) ندّعي أنّ الظنّ بالفراغ لا يحصل من خبر
__________________
(١) عطف على « أمّا أصحاب المقالة الثانية » في ص ٥٩٧.
(٢) « ج » : الطريق.
(٣) « س ، د » : الظنّيين كما في القطعيين.
(٤) « س » : يعلّق.
(٥) « د » : لأنّا.