وكيف كان ، فزعم سيّد الرياض عليه الرحمة (١) إلى جواز الترجيح بمثل هذه الشهرة كما يظهر منه في جملة من موارد الكتاب المذكور ، وفصّل بعض المشايخ المعاصرين في بعض كلماته فقال بأنّ الشهرة تنهض قرينة معيّنة لأحد احتمالي المشترك ولا تصلح (٢) لأن تكون (٣) قرينة صارفة للحقيقة ، ومن هنا حكم بأنّ المراد بالرطل في مسألة تحديد الكرّ هو الرطل العراقي ؛ لأنّ الشهرة تنهض قرينة معيّنة للفظ الرطل المشترك بين العراقي والمدني ، وليت شعري ما أبعد قول المفصّل عن الواقع فكأنّما اعتمد على مخاطرة وقعت في باله ، وإلاّ فليس بالحريّ ضبط أمثاله في الكتاب كما لا يخفى ذلك عند أولي الألباب.
وكلاهما فاسدان : أمّا الأوّل : فلأنّ الشهرة على تقدير عدم الحجّية ليست مختلفة الحال ، فكما لا يجوز الركون إليها في محلّ رواية لا يجوز التمسّك في مورد الروايتين إن أريد التمسّك بها في نفسها ، وإن أريد الترجيح فقد عرفت عدم معقولية الترجيح بحسب الدلالة بالشهرة إلاّ في صورة الكشف عن القرينة ، وعلى تقدير معقولية الترجيح بها فلا بدّ من أن يكون ممّا يعتمد عليها العرف في مقام استكشاف المراد ، اللهمّ إلاّ أن يكون قرينة تعبّدية ، وفساد هذه الأمور من أجلى (٤) الضروريات ، نعم لو كان حجّية أصالة الحقيقة مقيّدة بعدم قيام ظنّ على خلافها أو اعتبرناها من حيث إفادتها الظنّ بالمراد جاز التعويل على الخبر الموافق للشهرة ، ولكنّه غير خفيّ أنّها حينئذ لا تكون (٥) من المرجّحات ؛ إذ بعد فرض إفادتها الظنّ يرتفع موضوع الحجّة في الآخر فهي بأن تكون موهنة (٦) أولى (٧) ، وأمّا على القول بالتعبّد فلا مجال لطرح الظهور
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٢١٧ و ٣٤٤ ـ ٣٤٥ ، وفي ط الحجري ١ : ٦٣ و ٨٣.
(٢) « د » : يصحّ وفي سائر النسخ : يصلح.
(٣) في النسخ : يكون.
(٤) « ج ، د » : أعلى.
(٥) في النسخ : لا يكون.
(٦) « س » : موهونة.
(٧) « س » : أولى من الترجيح.