وجه يوجب (١) تخصيصا وإخراجا لفرد من عموم اللفظ مع أنّ العقاب على ترك الامتثال قبيح عند عدم العلم ، فكان التصرّف في أمر عقلي لا يوجب خروج اللفظ عن ظاهره ، بل اللفظ الدالّ على الوجوب بحاله.
نعم ، لا يمكن الجمع في الامتثال وهذا حكم عقلي يلتزم به على حسب ما هو المقدور وهو العمل بأحدهما ، ومنه جاء التخيير ، وإلاّ فكيف يعقل أن يكون الحكم الشرعي دائرا مدار خيرة المكلّف من دون استواء الأفراد في المصلحة؟
فالمختار من شقّي السؤال هو أنّ الدليل يدلّ على الوجوب العيني بالنسبة إليهما معا وذلك لا يوجب محذورا ؛ إذ الامتثال بغير الممكن ممّا لا يلتزم به العقل ولا يدلّ عليه دليل من الشرع ، فيقتصر في الامتثال بالممكن وهو أحدهما وهو المعنيّ من التخيير ، ويكشف عن ذلك أنّه لو تمكّن من العمل بهما بعد ما كان أحدهما غير ممكن العمل يكفي الخطاب الأوّل عن ذلك ، كما فيما إذا أفاق المكلّف من جهله ؛ إذ لا حاجة إلى خطاب جديد وإنشاء للتكليف ثانيا بعد العلم ، ولا غائلة في صدور مثل هذه الخطابات عن الحكيم بعد فرض اشتمالها على حكم غير (٢) المتمكّن أيضا كما في جميع الواجبات المشروطة ، ولئن سلّمنا أنّ التصرّف حينئذ في أمر لفظي فلا شكّ أنّ اللازم أيضا هو الحكم بالتخيير ؛ لأنّ عنوان الفرد الخارج عن العموم قاض بذلك.
وبيانه : أنّ التخصيص بأحدهما المعيّن ترجيح بلا مرجّح ، وأحدهما لا بعينه ليس فردا للعامّ حتّى يصحّ الحكم بخروجه ، فلا بدّ أن يكون الخارج هو عنوان الفرد الغير المقدور ، والداخل هو الفرد المقدور (٣) ، ولا ريب في أنّ هذين العنوانين ممّا تتبادل (٤) أفرادهما ، كما إذا كان عنوان الخارج عن العامّ هو العالم ـ مثلا ـ فإنّ تبادل أفراد العالم ظاهر فقد يكون الرجل عالما فيصير عامّيا جاهلا ، ثمّ يصير عالما بعد ذلك ، إلى غيره.
__________________
(١) « د » : لا يوجب.
(٢) « ج ، د ، م » : ـ غير.
(٣) « س » : ـ والداخل هو الفرد المقدور.
(٤) « س » : تتناول.