أدلّة الأصول لموارد التعارض بالنسبة إلى المتعارضين معا.
وأمّا بالنسبة إلى الثاني : فلأنّ أحدهما المعيّن دخوله تحت قوله : « لا تنقض » يحكم بعدم ما يوجب ذلك بعد اشتراك الآخر له في ذلك ، وأحدهما المعيّن في الواقع لا يجوز أن يكون الدليل الدالّ على الأصل شاملا له ؛ إذ الواقع أنّ أحدهما طاهر والآخر نجس ، ولا وجه لإنشاء حكم ظاهري لذلك الواقع ، وأحدهما الغير المعيّن ليس فردا ثالثا للعامّ حتّى يقال بأنّ الخارج هو أحدهما والداخل هو أحدهما الآخر ؛ إذ المفروض أنّ ذلك أمر انتزاعي من ذوات الأفراد وقد عرفت أنّ ذوات الأفراد لا تصلح (١) لأن تكون خارجة ، فذلك الأمر الانتزاعي يلحق بمنشإ انتزاعه في ذلك ، فلا يعقل أن يكون المراد من الشكّ (٢) المأخوذ في أدلّة الأصول هو الشكّ الموجود في أطراف العلم الإجمالي كما في الشبهة المحصورة ، فلا بدّ في مورد التعارض من الحكم بتساقطهما والرجوع إلى أصل ثالث مؤخّر عنهما ، وهل ذلك من باب التخصيص أو التخصّص؟ التحقيق (٣) أنّه من واد آخر ؛ إذ قد عرفت (٤) أنّ الأصل عبارة عن علاج شرعي مجعول في مقام الشكّ ومرجعه إلى طلب الشارع وإنشائه وخطابه ولا يتوجّه خطاب الشارع إلى مثل هذا المورد ، ومنه يظهر الفرق بين المقام وبين ما مرّ من مورد التخيير فإنّ عدم توجّه الخطاب في مورد التخيير بواسطة عذر من قبل المكلّف من عدم قدرته ، وفي المقام حيث إنّ مرجعه ـ على (٥) ما عرفت ـ إلى (٦) إنشاء حكم ظاهري ترخيصا أو غير ذلك لا يجوز من المكلّف صدوره ؛ لاستلزامه نقض الغرض على تقدير الجعل فيهما معا ، والترجيح بلا مرجّح على تقدير الجعل في أحدهما في وجه
__________________
(١) المثبت من « س » وفي سائر النسخ : لا يصلح.
(٢) « س » : بالشكّ.
(٣) « س » : والتحقيق.
(٤) عرفت في الصفحة السابقة.
(٥) « س » : إلى.
(٦) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : ـ إلى.