على ما هو المعهود من تقديم الخاصّ على العامّ.
والسرّ فيه هو أنّ العقل يلاحظ المشكوك بما هو أقرب منه ، مثلا لو فرضنا أنّ محلّة من محلاّت بلدة تقضي بأن تكون أهلها على صفة ، ونفس تلك البلدة تقضي بأن تكون على صفة أخرى ، فعند الشكّ في لحوق فرد من تلك المحلّة بأهلها أو بأهل بلدها ، فلا ريب في أنّ العقل إنّما يستكشف حكمه من أهل تلك المحلّة دون تلك (١) البلدة ، وأمثال هذه المطالب ممّا لا ينبغي الاشتباه فيها ، بل ممّا لا يكاد يشتبه على ما هو ظاهر (٢).
وإذ قد عرفت ما مهّدنا (٣) فنقول : إنّ التمسّك بغلبة بقاء الممكنات القارّة ممّا لا يجدي في الحكم ببقاء الأحكام الشرعية إلحاقا لها بالأعمّ الأغلب كما صدر عن السيّد الصدر ، لما عرفت من أنّ الغلبة لا يمكن حصول الظنّ منها (٤) إلاّ بعد استخراج القدر الجامع القريب ، وانتفاؤه في محلّ (٥) الكلام ممّا لا يعتريه أثر الشكّ ، فإنّ القول ببقاء قطرة من الماء في ثوب زيد حال الشكّ فيه إلحاقا لها بوجود الأرض والسماء والبحار والهواء ، لعلّه يقرب من أن يكون من مضحكات الثكلى.
فإن قلت : إنّ هناك مرحلتين : الأولى : أصل بقاء الشيء المشكوك بقاؤه وارتفاعه ، الثانية : مقدار بقائه على تقدير البقاء ، والذي لا يمكن إلحاقه من الأحكام الشرعية كالخيار ـ مثلا ـ بالموجودات القارّة ، لعدم القدر الجامع بينهما ، هو مقدار البقاء دون أصل البقاء ، ولعلّ السيّد إنّما قال بالإلحاق في المرحلة الأولى دون الثانية ، فإنّه لا بدّ في المرحلة الثانية (٦) من ملاحظة الأحكام الصادرة من الموالي بالنسبة إلى عبيدهم ، وملاحظة استعداد مقدار بقائها ، وبعد إحراز ذلك يحكم بالإلحاق ، ولم يظهر منه مخالفة
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ تلك.
(٢) من قوله : « بل ممّا » إلى هنا ليس في « ز ، ك ».
(٣) « م » : مهّدناه.
(٤) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : « منه ».
(٥) « ج ، م » : محالّ.
(٦) « ج ، م » : فإنّه في المرحلة الثانية لا بدّ.