في ذلك.
قلت : لا شكّ في اعتبار الوجود في الجملة ولو في زمان ما في الاستصحاب ، وبعد الوجود لا بدّ من الشكّ في البقاء والارتفاع ، وما يطلب من الاستصحاب هو مقدار البقاء لا أصل البقاء ، فإنّه عبارة عن الوجود الثابت في الزمان الثاني في الجملة ، وهو معلوم في الأغلب ، ولو رام إلى استصحاب أصل البقاء فهو أيضا فاسد ؛ إذ المفروض أنّه لا شكّ في البقاء في الجملة ، فلا يعقل الاستصحاب فيما لا يعقل فيه الشّك ، ومن هنا يظهر عدم استقامة ما أفاده المحقّق القمي رحمهالله (١) ـ (٢) في توجيه ما أفاده السيّد ، ولعلّك بعد الإحاطة بما قرّرنا لك تقدر على استنباط وجوه النظر في كلام الموجّه أيضا.
وأمّا ثالثا : فلأنّ بعد تقدير التسليم عن إفادة الغلبة الظنّ بوجود المشكوك ، فالمستدلّ بها مطالب بالدليل على اعتبار الظنّ ، ولعلّه مبنيّ على القول بمطلق الظنّ ، وقد عرفت فيما حقّقنا لك من مباحث الظنّ عدم دلالة دليل على اعتباره كما أومأنا إليه (٣) في الردّ على الوجه الثاني في تقرير الكبرى من الدليل الثاني (٤) وإن لم يكن المناقشة فيما يكون مبنيّا على أصل بإنكار ذلك الأصل مرغوبا إليها عند أرباب النظر والتحصيل ، ولكنّ الذكرى تنفع (٥).
فالأولى في تقرير الغلبة لو قلنا باعتبارها أن يقال : إنّ (٦) الغالب في الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد أو خصوص الأحكام الشرعية هو البقاء ، ففيما إذا شكّ في بقاء حكم منها وارتفاعه يحكم العقل ظنّا بإلحاقه بالأغلب.
ولكنّه مع ذلك لا يكاد يتمّ ؛ إذ هو موقوف على استخراج القدر الجامع من الغلبة النوعية أو الصنفية ، ودعوى ذلك في الأحكام الشرعية عهدتها على مدّعيها ؛ ضرورة
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ رحمهالله.
(٢) القوانين ٢ : ٥٧.
(٣) أومأ إليه في ص ٧٧ ـ ٧٨.
(٤) كذا. والصواب الثالث.
(٥) « ز ، ك » : قد تنفع.
(٦) « ج ، م » : بإنّ.