وعن التنقيح : الاستصحاب هو الحكم على وجود شيء (١).
فإنّ صريح هذه الحدود هو أنّ المحمول في هذه القضايا من مقولة الفعل وهو الجنس فيها ، ومنه يظهر ثبوت اصطلاحهم فيه واستقراره على ذلك (٢) ، ويوضحه نسبته إلى الأصوليين في المشارق ، ويؤيّده موافقته لسائر مشتقّاته من موارد استعماله ، فيقال : استصحب إذا حكم بثبوت شيء ثابت سابقا فهو مستصحب وذاك مستصحب ، وعند إظهار العلّة في الحكم بثبوت (٣) شيء وترتيب آثاره السابقة (٤) ، استصحابا للحالة السابقة كما يظهر من موارد استعماله (٥) ، نعم قد يفترق في ذلك الأحكام والموضوعات ، فإنّ الحكم المستصحب في زمان الشكّ مصاحب للمستصحب بخلاف الموضوعات ؛ إذ الموضوع المستصحب آثاره مستصحبة ، فيصير الاستصحاب فيها من قبيل الاستعارة التمثيلية كتشبيه المتردّد بـ « من تقدّم رجلا وتأخّر (٦) أخرى » وهذا الفرق إنّما هو بواسطة قابلية الحكم للجعل في الزمان الثانى بخلاف الموضوع وإن كان قد يقال : بأنّ الحكم في الزمان الثاني ليس هو الحكم الأوّل بل هو مماثل له ، ولهذا يختلف (٧) بالظاهرية والواقعية كما لا يخفى.
لا يقال : قد يكون الشيء معلوم الوجود في الحال ومشكوكه في زمان متأخّر عن (٨) الزمان الحاضر ويستصحب إلى زمن يمكن (٩) بقاؤه فيه مع أنّ المعنى اللغوي غير واقع (١٠) في هذا الموضوع (١١) ، لانتفاء المصاحبة في زمن غير مدرك.
__________________
(١) التنقيح الرائع ١ : ٧ ، وفيه : « هو الحكم على وجود الشيء أو عدمه في الحال للعلم بوجوده أو عدمه في الماضي ، فيقال : الأصل بقاء ما كان على ما كان ».
(٢) « ج ، م » : ـ واستقراره على ذلك.
(٣) « ك ، ل » : ثبوت.
(٤) « ك » : السابقة عليه.
(٥) « ك » : استعمالاته.
(٦) « ل » : « يقدّم ... يؤخّر ».
(٧) « ز ، ك » : قد يختلف.
(٨) « ج ، م » : من.
(٩) « ك » : يكون.
(١٠) « ل » : واضح.
(١١) « م » : الموضع.