حيث منعه حجّية الاستصحاب عند الشكّ في منع العارض بأنّ مورد الرواية مخالف ، له فقد أخطأ ، نعم لو احتجّ بالفقرة الأولى أيضا صحّ الردّ والإيراد كما أنّه يدلّ على فساد التفصيل بين الموضوعات وأحكامها كما نسب إلى المحقّق المذكور أيضا على الأوّل.
وإذ قد عرفت هذين الأمرين فاعلم أنّ محلّ الاستدلال هو قوله عليهالسلام : « فإنّه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشكّ » والتقريب أنّ قوله : « فإنّه » (١) علّة للجواب المحذوف للشرط المستفاد من قوله : « وإلاّ » وقائم مقامه ، كما يوجد مثله كثيرا في كلمات الفصحاء ، سيّما القرآن العزيز فإنّه مشحون بذلك كما في قوله : ( فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ ) (٢) وقال أبو الطيّب :
وان تفق الأنام وأنت منهم |
فانّ المسك بعض دم الغزال (٣) |
فالتقدير : وإن لم يستيقن فلا يجب الوضوء فإنّه على يقين من وضوئه ، فيكون بمنزلة صغرى من القياس ، وقوله : « ولا ينقض اليقين بالشكّ أبدا » بمنزلة الكبرى ، فتنتج النتيجة المطلوبة ؛ لصحّة القياس مادّة وهيئة ، ودلالته على هذا التقدير على حجّية الاستصحاب واضحة لا تكاد تخفى على أحد.
ويحتمل أن يقال أيضا : انّ الجواب هو قوله : « ولا ينقض اليقين بالشكّ » ويكون قوله : « فإنّه » إلخ توطئة لذكر الجواب ، كما قد تعارف عندهم أمثاله كما يقال : إذا قدمت من السفر فعندك منزل فانزل فيه ، وعلى تقديره أيضا يتمّ التقريب كما هو ظاهر إلاّ أنّه بعيد جدّا ، سيّما بعد ملاحظة الواو في قوله : « ولا ينقض » إذ الغالب في هذه الاستعمالات هو الإتيان بكلمة الفاء.
وأمّا ما يقال من أنّ حذف الجواب خلاف الأصل ، فمدفوع بأنّ خلاف الأصل
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ فإنّه.
(٢) آل عمران : ٩٧.
(٣) ديوان المتنبى : ٢٢٤ في مدح سيف الدولة.